محمد العمر: تخاذل واشنطن في محاربة داعش

محمد العمر: تخاذل واشنطن في محاربة داعش

شارك

من الآخر .. لو أرادت الولايات المتحدة القضاء على داعش، فلن يعيقها الأمر سوى بضعة أشهر، ولو قررت القضاء على زعيم الشر والإجرام والإرهاب «أبوبكر البغدادي»، لقضى نحبه في غضون أسابيع.

الحقيقة أن لدى واشنطن كماً هائلاً من المعلومات الاستخباراتية والوسائل اللوجيستية، والتي بفضلها تستطيع إيقاف تمدد تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة، لكن لا شيء على الأرض يذكر، أو يستحق الإشادة، ما يدفع إلى التساؤل حول سياسة أوباما في المنطقة، ومدى تخبطها بين التخاذل والنيات المُبيّتة كما يشاع.

صحيفة لوموند الفرنسية نشرت تحقيقاً مفصّلاً منتصف مارس الماضي عن مواقف واشنطن عملياً في مواجهة تنظيم داعش وجبهة النصرة، متسائلة بدورها عن أسباب التذبذب والبرود والتخاذل الأمريكي تجاه هذه الجماعات الإرهابية.

التحقيق الصحفي اعتمد على مصادر استخباراتية ووثائق ومُعطيات أخرى، توصلت إلى أن الولايات المتحدة كانت تتابع الوضع السوري منذ منتصف 2013، وعلى الرغم من كمية المعلومات التي رصدتها عن واقع الأرض السوري إلا أنها لم تستخدم تلك المعلومات في التحرك الإيجابي والحاسم لحل الأزمة، حتى بعد بدء حربها على تنظيم داعش في سوريا سبتمبر 2014، ما شكّل خيبة أمل لقوى المعارضة، إذ كانت تأمل الاستفادة من التدخل الدولي ضد الإرهاب، بهدف تعزيز سجل مكاسبها ورصيد انتصاراتها.

التقت صحيفة لوموند ثلاث مرات في عامين أحد أبرز العناصر الاستخباراتية في الجيش الحر، والذي أكد أنه سلم لوكالة الاستخبارات الأمريكية تقارير مفصلة جمعها عبر شبكة مخبرين ميدانيين، مُضيفاً أنها تضمنت منجماً من المعلومات والخرائط والوثائق، فضلاً عن إحداثيات «جي بي أس»، وأرقام هواتف، وأبان أنه وفر هذه المعطيات منذ أن كان تنظيم داعش يضم 20 عنصراً فقط، وقبل التحاق 20000 مقاتل بصفوفه، مؤكداً تحذير الولايات المتحدة مراراً وتكراراً ولكنها لم تُحرك ساكناً.

الوثائق التي اطلعت لوموند على بعض منها تضمنت خريطة لمواقع «داعش» في الرقة، وكذلك ملفاً كاملاً حول معسكر تدريبي لمقاتلي التنظيم، في شمال اللاذقية، و«إحداثيات» وأرقام هواتف قياديين، وأرقاماً تسلسلية تخص أجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية وعناوين إنترنت استخدمها الإرهابيون، لكن لم تقم واشنطن بضرب المواقع.

الجيش الحر قدم خطة سرية جُهزت ووُضعت بالتعاون مع البيت الأبيض، كانت ستتيح الإطاحة بتنظيم «داعش» في مواقع بمحافظة حلب، ولكن الأمريكيين أجّلوا تنفيذ العملية مرات عدة، حتى إلغائها نهائياً، تاركين الجيش الحر يُواجه مصيره المحتوم وهجمات شرسة تشنها جبهة النصرة.

ما يزيد الإيمان بتخاذل الولايات المتحدة المُبيَّت، تعاملها مع تلك المعلومات الثمينة بتقديم إجابات غامضة وغير واضحة لعناصر استخبارات الجيش الحر، مع أنها تملك المعلومة المسبقة والقدرة على إيقاف كل شيء.

نقلًا عن “الرؤية” الإماراتية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.