من يقع في الفخ السوري.. السعودية أم أمريكا أم روسيا؟ (تحليل خبري)

من يقع في الفخ السوري.. السعودية أم أمريكا أم روسيا؟ (تحليل خبري)

هشام السروجي

شارك
أرشيفية

تسبب دخول روسيا العسكري، ساحة الأزمة السورية، فى حالة توتر بين صفوف الداعمين للمعارضة السورية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية بيتر كوك في بيان، “يوجه وزير الدفاع أشتون كارتر وزارة الدفاع حاليا إلى تقديم معدات وأسلحة إلى مجموعة مختارة من القادة الذين تم فحصهم ووحداتهم حتى يكون بمقدورهم مع مرور الوقت الدخول بشكل منسق في الأراضي التي ما زال يسيطر عليها تنظيم “داعش”.

الموقف الأمريكي فتح باب التأويلات والتحليلات، خاصة وأنه متزامن مع التصميم الروسي، على استمرار الغارات، وتوفير غطاء جوي لتحركات برية للجيش السورى مدعوماً من الحرس الثورى ومسلحي حزب الله، وأنباء عن مشاركة مشاة البحرية الروسية في تلك التحركات.

فخ إستراتيجي

اكتفاء واشنطن بإعلان تقليص برنامج تدريب ودعم المعارضة السورية، دون التطرق إلى الأسباب وراء ذلك، يعتبره البعض فخاً إستراتيجياً لروسيا، يزج بها فى مستنقع حرب العصابات، وإعادة استنساخ للتجربة الأفغانية التى أرهقت قوى الجيش الروسي لسنوات، بعد دعوة بعض العلماء الأصوليين للجهاد فى سوريا ضد المحتل الروسي.

لكن هذه المرة قد تتضاعف قوى التنظيمات المواجهة لروسيا فى سوريا، عن سابقتها فى أفغانستان لعدة أسباب:

  • الكتلة البشرية لتنظيم “داعش” الذي يواجه الروس يمثل أضعاف الكتلة البشرية التي واجهوها من طالبان والقاعدة، كما أنها متعددة المشارب والجنسيات والثقافات، وفى حالة زيادة طردية.
  • هناك مساحة تنقل إلى ومن سوريا من خلال الحدود التركية، مع حالة الضعف الأمني الموجودة فى الدول العربية، المورد الأكبر للعناصر المستقطبة من التنظيم الإرهابي.
  • القدرة التسليحية والخبرة القتالية العالية ومستوي التدريب، التى حصل عليها التنظيم، و تراكم الخبرات التى تولدت لديه، من خلال خوضه حروب مستمرة على مدار 4 سنوات.
  • مباركة الدول الرافضة لاستمرار نظام الرئيس بشار الأسد، والساعية للإطاحة به، سعياً منها لإنهاء الأزمة السورية من وجهة نظرها.
  • وصول التنظيم إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي الاقتصادي، من خلال سيطرته على موارد نفطية، قادرة على جلب الاستقرار لأي دولة كبيرة.
  • نجاح التنظيم فى صنع آلة إعلامية متطورة، قادرة على مخاطبة العالم، ونشاطه الفذ على شبكات التواصل الإجتماعي والإنترنت، والتى يستطيع من خلالها، بث ما يريد من أفكار ورؤى، تتناسب مع سيكولوجية التيار الأصولي، وإستقطاب العناصر التى تميل لتأييده، وضمها لصفوفه.
  • سعي التنظيم للاستحواذ على أسلحة ذات قوة تدميرية عالية، كما تناولت بعض التقارير الصحفية عن مصادر إستخباراتية غربية، نية التنظيم الحصول على أسلحة نووية.

من هذا المنطلق ومما سبق، يُرجح أن يكون الموقف الأمريكي المتراجع ظاهرياً عن دعم المعارضة، هو بداية لدخول المعارضة لمرحلة من العمل العشوائي غير المنظم، الأمر الذي قد يُرهق الجيش الروسي، فغياب الرؤية الاستراتيجية المنظمة لدى المعارضة السورية، ينتج عنه تحرك عشوائي يصعب معه توقع الأهداف القادمة له، ومن ثم تغيب الضربات الاستباقية عن ساحة المعركة، وتستمر الأوضاع فى معادلة صفرية تستنفذ قوى روسيا ومعاونيها فى سوريا.

إلا أن موسكو مازالت تصنف كل المجموعات المعارضة لحكم «الأسد» على أنها «إرهابية»، ومن بينها، قوات المعارضة التي دربتها واشنطن.

السعودية مستمرة

على النقيض نجد الموقف السعودى، المتمسك إلى آخر لحظة لدعم المعارضة السورية، حيث كشف مسؤول في الحكومة السعودية فى تصريحات إعلامية نشرتها محطة الإذاعة البريطانية، أن بلاده سترد على التدخل العسكري الروسي في سوريا بتزويد مجموعات من المعارضة بسلاح نوعي.

وأضاف إن إمدادات من الأسلحة الحديثة، بينها أسلحة موجهة مضادة للدبابات، سيتم تقديمها إلى ثلاث مجموعات من قوات المعارضة المناهضة لحكم «بشار الأسد» وحلفائه من الروس والإيرانيين واللبنانيين.

وأوضح أن الجماعات، التي سيتم تزويدها بهذه الأسلحة، لن تشمل تنظيمي «داعش» أو «جبهة النصرة».

وبدلا من ذلك، ستذهب هذه الأسلحة إلى ثلاثة تحالفات من المعارضة هي: «جيش الفتح»، و«الجيش السوري الحر» و«الجبهة الجنوبية»، حسب المسؤول السعودي.

وبين أن قطر وتركيا تلعبان دورا محوريا في الحفاظ على الدعم السعودي لقوات المعارضة السورية التي تقاتل قوات «الأسد»، وفي بعض الأحيان، تنظيم «الدولة الإسلامية».

ولم يستبعد المسؤول السعودي قيام بلاده بتزويد المعارضة السورية بصواريخ من طراز «أرض – جو»، وهي خطوة يعارضها الكثيرون في الغرب خوفا من أن تقع في أيدي تنظيم «داعش» وينتهي بها المطاف إلى استخدامها لإسقاط طائرات التحالف الدولي التي تقوده الولايات المتحدة أو حتى طائرات مدنية.

قد تخالف بعض هذه التصريحات الواقع، خاصة فيما يتعلق بالدعم القطرى والتركي للمعارضة السورية، وهما فى حقيقة الأمر متورطتان فى دعم تنظيم “داعش”، من خلال الدعم والتمويل فى بداية توسعه، وتسهيل انضمام العناصر المستقطبة له، من خلال السيولة الحدودية المتعمدة من النظام الأردوغاني التركي، وهو الأمر الذى عارضته كثيراً السعودية.

أما موقف المملكة من دعم المعارضة، فهي تعتبره مسألة لا مناص منها، حيث ترى أن لا سلام واستقرار، فى الأراضي السورية، إلا برحيل بشار الأسد، وفى حال تنفيذ المملكة لما صرح به المصدر السعودي غير المسمي، عن توفير أسلحة نوعية للمعارضة، فإن المعادلة السورية، قد يعاد صياغتها مرة أخرى، وقد ينتج عنها أيضاً توتر فى العلاقات بين السعودية والتحالف الغربي، الذى يرفض رفضاً قاطعاً وصول تلك الأسلحة للمعارضة، خوفاً من وقوعها فى يد تنظيم “داعش”، وتصبح طائراته هي الهدف الأول لها.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.