أحمد الجارالله: قُطز العصر ومصر القوية

أحمد الجارالله: قُطز العصر ومصر القوية

شارك

على مر التاريخ كانت البشائر تأتي من مصر العمق الستراتيجي للامة، فاذا كان تتار الامس استباحوا بغداد والشام، وحاولوا استباحة ارض الكنانة ليستتب لهم الامر، فها هو المشهد ذاته يكاد يتكرر اليوم مع تتار جدد لا يختلفون في الخطاب والممارسة عن اجدادهم، لكن كما تيسر للعرب في القرن الثالث عشر حماة وجيش مصري بقيادة الملك قطز يذود عنهم ويدحر الغزاة، ايضا تيسر لقلب الامة جيش يسمع صوت الشعب فيقف في صفه، ينصره ليبقى خافقا في العالم العربي، ويحميه من غل التآمر “الاخواني”، ومن انسل من عباءة جماعة الشر، كتنظيم “القاعدة” و”داعش” او كـ”حزب الله” و”الحشد الشعبي العراقي” وكل العصابات المولودة من رحم أم الإرهاب ايران نظام الملالي الذي لا يزال يعيش في عتمة كهوف القرون الوسطى.

هذه الأورام السرطانية الارهابية التي بدأت تنهش في جسد الامة، كان من الصعب التصدي لها لو لم تكن مصر قوية وقادرة على تأدية دورها الطبيعي كرأس حربة في المواجهة، اذ على مر التاريخ كانت القاهرة تحدد وجهة الريح السياسية للعالم العربي، وهو ما ترجم فعليا في الانتصار الذي حققه قطز في العام 1260 على هولاكو في معركة عين جالوت حيث منها بدأ زوال الاحتلال المغولي للعالم العربي.

الامر نفسه تكرر ولكن بصورة اكثر وضوحا فما تحقق في 30 يونيو العام 2013 باسترداد مصر من ايدي “الاخوان”، هو الذي رد الخطر عن هبة النيل ودول”مجلس التعاون” التي تنعم اليوم بالامن والاستقرار، وهو ايضا الذي اعاد الامل الى ملايين العرب بالخلاص من براثن وحوش التطرف التي تنهش اليوم في كل من ليبيا والعراق وسورية واليمن. لو لم تنتفض مصر وتتصدى لـ”الاخوان” بمساندة الجيش لكان العبث الارهابي التتاري الجديد افظع بكثير مما حدث في القرن الثالث عشر، والخسائر اكبر بعشرات المرات، ولكان العرب من المحيط الى الخليج يتخبطون في ظلام الارهاب والمجازر والنكبات.

ولو لم تصمد مصر بوجه الضغوط الاميركية والاسرائيلية والغربية التي حاولت العزف على وتر الانتخابات لتأتي بمرسي تزويرا من خلالها الى الحكم، لكانت اليوم محكومة من كتبغا “داعشي” او “أخواني” لا فرق، ولانتشر امراء الظلام والقتل في كل مدينة وقرية عربية. لا شك ان هذا الصمود المصري كان يحتاج الى سند صلب لا ترعبه حملات الوعيد، ولا رسائل التهديد التي يرسلها هولاكو العصر واتباعه في العالم العربي، هذا السند هو دول”مجلس التعاون” الخليجي، التي لم تتأخر لحظة عن مساندة مصر، وكانت بذلك تحميها وتحمي نفسها ايضا من تتار اليوم، واذا كان قطز القرن الثالث عشر قد قطع رؤوس رسل هولاكو الاربعة وعلقها على باب زويلة في القاهرة، فان قطز القرن الواحد والعشرين عبدالفتاح السيسي اغلق الابواب بوجه كل رسل احفاد هولاكو الجديد بفضل المساندة الشعبية الكبيرة وعلق بيان نعي مشروعهم في ميدان التحرير الذي منه علت صرخات رفض الاغتصاب “الاخواني” لحكم مصر.

اليوم في رمضان وقبل ايام من حلول الذكرى 756 للانتصار بمعركة عين جالوت يقرأ العرب التاريخ ويرون مشهدا قريبا منه يتكرر في قاهرة المعز التي تكتب فصلا جديدا من القضاء على الارهاب المتعدد الوجوه، وكأنها تعيد رسم انتصار جيشها القديم في القرن الثالث عشر على المغول، وانتصار ابطال العبور في العاشر من رمضان العام 1973 على الاسرائيليين وتحرير سيناء بمواجهة اكثر شراسة مع تتار العصر الذين يحاولون جعل سيناء رأس جسر لاسقاط مصر، لكن الايمان الصلب بخير أجناد الارض هو من سيحرر سيناء ايضا قريبا من الارهابيين.

نقلًا عن “السياسة” الكويتية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.