أيمن عبدالتواب: «الكعبة التركية».. عودة «أبرهة»

أيمن عبدالتواب: «الكعبة التركية».. عودة «أبرهة»

شارك

قبل ظهور الإسلام اغتاظ «أبرهة الأشرم»- ملك اليمن والحجاز- من استئثار «مكة المكرمة» بـ«الكعبة المشرفة»، ولماذا يحج العرب إليها، دون سواها؛ فبنى «كنيسة ضخمة»؛ لتكون بديلًا عن بيت الله الحرام، ولما فشل في مسعاه، قاد حملة عسكرية نحو «مكة»، في نفس العام الذي ولد فيه النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- مستعينًا بـ«الفيلة»؛ لهدم الكعبة، فأراه الله آياته فيه، وفي جيشه.. قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ…». سورة الفيل.

 

ويبدو أننا، وبعد نحو أكثر من ألف وأربعمائة عام، سنشهد عودة «أبرهة» من جديد- مع فارق التشبيه؛ فقد خرج علينا «محمد علي شاهين»- نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا- بتصريحات عجيبة وغريبة، عقب حادث تدافع الحجاج- الذي وقع في مشعر منى، وراح ضيحته نحو 717 حاجًا من مختلف الجنسيات- زعم فيها أن «بلاده يمكنها تنظيم الحج بشكل أفضل من السعودية».

 

ولم يكتفِ «شاهين» بذلك، بل راح يهاجم السعودية، قبل ظهور نتائج التحقيقات في الحادث، قائلًا: «هل يمكننا أن نتحدث عن القضاء والقدر في ما حدث؟ هنا إهمال في مجال السلامة، وهذه الوفيات نجمت عن هذا الإهمال».

 

 

وتقلَّد «شاهين- الذي تولى أيضا من قبل رئاسة البرلمان- ثوب «أبرهة»، حينما زعم أن بلاده أكثر قدرة من السعودية على تنظيم موسم الحج. قائلًا: «لو كلفت تركيا الحج لنظمته، دون أن يصاب أحد بأذى بإذن الله».

 

هذه التصريحات «العدائية» للمسؤول التركي ضد السعودية، ليست الأولى من نوعها، التي تنم عن ما يكنه بعض مسؤولو تركيا تجاه المملكة. فقد أسس رئيس بلدية أوسكودار بمدينة اسطنبول التركية- في شهر أبريل/ نيسان الماضي- قرية أسماها «عصر السعادة»، تتضمن بناء يشبه الكعبة، وغار حراء، وغار ثور، وبئرًا زعم أن به ماء زمزم.

 

وبحسب صحيفة «سوزجو» التركية اليسارية، فإن بناء الكعبة باوسكودار، لاقى استياءً واسعًا من قبل عدد من المواطنين، بسبب انتهاك المقدسات، خاصة أن بعض الناس كانوا يقرأون القرآن عند هذه الكعبة، ويتوجهون إليها بالدعاء.

 

ورغم محاولات رئيس بلدية أوسكودار، حلمي توركمان، توضيح أسباب بناء قرية «عصر السعادة»، بأنهم يقصدون من هذه «الكعبة»، محاكاة المقدسات في مكة؛ لإحياء هذه المشاعر في تركيا، للذين لا يستطيعون الذهاب إلى الأراضي المقدسة.

 

إذن، الأطماع التركية في الأراضي والمكتسبات السعودية ليست وليدة اللحظة، بل إن النوايا الحقيقية لأنقرة بدأت تتكشف، بوضوح وجلاء عقب «حادث منى»، بتصريح رئيس الشؤون الدينية التركية «محمد غورماز»، الذي زعم فيه أن هناك مشكلة واضحة في إدارة شؤون الحج، داعيًا إلى اجتماع دولي، لتأمين مناسك الحج.

 

الأمر لم يقتصر على تركيا فحسب، بل إن إيران لها نفس الهدف تقريبًا؛ إذ أعلنت الخارجية الإيرانية، عن مطلبها، نزع إدارة شؤون الحج، من المملكة، وإسنادها لـ«منظمة التعاون الإسلامي»، مؤكدة على ضرورة تدويلها سنويًا.

 

إن التصريحات «التركية- الإيرانية»، ربما تكشف بوضوح وجلاء تامين، حقيقة نوايا أنقرة وطهران الدفينة، ورغبتهما في التدخل في الشأن الداخلي للسعودية، من خلال «الحج»، واستخدامه كوسيلة ضغط و«ابتزاز» للمملكة؛ لتحقيق مآربهم وأهدافهم الخبيثة.

 

{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. الأنفال: آية 30.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.