شارك

اتفقت القوى الكبرى أمس الجمعة، على خطة لوقف الأعمال العدائية في سوريا التي تمزقها الحرب، إلا أن العديد من الأسباب تدعو إلى التشكيك في إمكانية نجاحها.

أهمية هذا الاتفاق

بعد انهيار جولة أخرى من محادثات السلام في جنيف الأسبوع الماضي، فإن هذا الاتفاق يمثل خطوة سياسية إلى الأمام لإنهاء العنف، ويمنح الأمل للمدنيين العالقين في الحرب الدموية بوعده بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

وصرح مايكل ويليامز الزميل الزائر في معهد شاتام للشؤون الدولية في لندن، أنه “يجب أن نأخذ هذا الاتفاق على محمل الجد”.

وأضاف أن “أهميته تكمن في أنه اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا اللتين تحملتا المسؤولية عنه الآن. وستلاحظ الأطراف المتحاربة ذلك”.

ورأى يزيد صايغ من معهد كارنيغي للشرق الأوسط أن المؤشرات الأولى على نجاح الاتفاق ستكون تخفيف الحصار على المدنيين وتيسير دخول موظفي الإغاثة الإنسانية إلى مناطقهم.

وقال “إذا لم تظهر مثل هذه المؤشرات فإن ذلك سيشير إلى أن النظام وروسيا ينويان المساومة بشدة لانتزاع كل تنازل يقدران عليه”.

إلا أنه من النقاط المهمة هو أن “وقف الأعمال العدائية” لن يشمل تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

وهذا يترك هاتين الجماعتين عرضة لهجمات قوات النظام السوري والقوات الروسية التي تدعمه، وكذلك لهجمات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقوات الكردية.

فرصة للنجاح

هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى التشكك. لقد انهارت محادثات السلام في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن شنت القوات السورية تدعمها الطائرات الروسية هجوما واسعا على مدينة حلب، المعقل الرئيسي للمسلحين.

ودفعت الغارات الجوية الروسية والهجوم البري الذي شنته قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معها نحو 50 ألف شخص إلى الفرار، وأدت إلى محاصرة المعارضة المسلحة وأسفرت عن مقتل نحو 500 شخص.

وحتى يبدأ تنفيذ الاتفاق بعد أسبوع، تنتشر مخاوف من تصاعد العنف للسيطرة على الأراضي قبل أن تصمت المدافع.

وقال ويليامز “هذا هو الأمر الذي يسبب القلق. إذا صعدت روسيا عملياتها العسكرية، فيخشى أنه لن يكون هناك شيء لتنفيذه بعد أسبوع من الآن”.

ورأى اميل حكيم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن وقف إطلاق النار قد يمنح الأسد الوقت للتخطيط لإغلاق الحدود السورية مع تركيا.

وأضاف أن المسلحين وداعميهم من العرب والأتراك قد يستغلون الفرصة للتعافي من نكساتهم الأخيرة، كما يمكن أن يمنح وقف إطلاق النار المقاتلين الأكراد فرصة لتعزيز مكاسبهم.

الدور الروسي

تؤكد روسيا على الدوام أنها تستهدف في قصفها إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، رغم أن الأدلة تشير إلى أنها تستهدف في الغالب الجماعات المسلحة المعارضة للأسد.

ويخشى البعض أن يوفر اتفاق وقف إطلاق النار غطاء دبلوماسيا مع استمرار روسيا في هجومها.

وقال جولين بارنز-ديسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن “الحديث عن جبهة النصرة يتناسب مع مصلحة روسيا لأن العديد من الجماعات المسلحة ترتبط بهذه الجبهة”.

وأضاف أن “هذا يعطي الضوء الأخضر للروس لشن أعمال عسكرية والقول في الوقت ذاته أنهم ينفذون الاتفاق”.

ورأى اميل حكيم، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن روسيا قد تستغل الغموض حول تعريف الجماعات الإرهابية لتستمر في أعمالها العسكرية.

وقال “السؤال هو: إذا فعلت روسيا ذلك، ما الذي يمكن للأميركيين وغيرهم أن يفعلوه؟ هل الأمر سيبقى مجرد رغبات أميركية مهذبة لا تدعمها أية مصداقية؟”.

وفي مؤشر لا يبشر بخير، توعد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة أجراها مع وكالة فرانس برس، بينما كانت المفاوضات تجري في ميونيخ للتوصل إلى الاتفاق، باستعادة جميع الأراضي السورية رغم أن ذلك قد يتطلب وقتا “طويلا”.

وذلك لا يدل على حديث رجل يرغب في التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض لإنهاء الحرب الأهلية التي أودت بحياة 260 ألف شخص حتى الآن، وشردت نصف سكن البلاد منذ بدايتها في 2011.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.