شارك

حالة من الغضب مازالت تجتاح سكان المنطقة الشرقية بالسعودية جراء إقدام السلطات على إعدام الشيخ الشيعي المعارض نمر النمر، بحسب ما ذكرت صحيفة “الإيكونومست”، ذاكرة أن الاضطرابات لم تهدأ في العديد من المناطق ذات الأغلبية الشيعية منذ دعوة الشيخ الموالي لطهران للانضمام لثورات الربيع العربي في العام 2011.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن بلدة العوامية، والتي يقطنها حوالي 30 ألف نسمة، معظمهم من السكان الشيعة في المملكة، لم تهدأ حالة التوتر بها منذ دعوة الشيخ الشيعي، والذي أكد فيها أنه إذا لم يحصل سكان المنطقة الشرقية على كرامتهم فلا يمكن لأحد أن يلومهم إذا ما طلبوا الاستقلال عن المملكة، إلا أن اعدامه مع مطلع هذا العام، ربما وضع حلم الاستقلال الذي كان يراوده في موضع التنفيذ.

حالة حداد

جدران المدينة السعودية تمتلئ بالشعارات المؤيدة للنمر، والناقمة على الأسرة الحاكمة في السعودية، بحسب الصحيفة، وصور الشيخ تسيطر بصورة كبيرة على لوحات الإعلانات وشرفات المنازل، جنبا إلى جنب مع صور الإمام الحسين، بينما تتدلى الأشرطة السوداء على أعمدة الإنارة لإعلان حالة الحداد على وفاة القيادي الشيعي.

وزعمت “الإيكونومست” أن المدينة محرومة من أي تواجد حكومي، اللهم إلا التواجد الكثيف لرجال الشرطة، والمرابطين في أقسامهم التي تفصل بينها وبين مواطني المدينة كميات كبيرة من الحجارة، والأسلاك الشائكة، إلا أن المكتبات تبيع كتب الشيخ النمر، والعديد من الكتب الشيعية الأخرى، والمحظور تداولها في المناطق الأخرى بالمملكة، بينما تجلس النساء في المقابر التي تحمل جثامين العديد من شهداء المدينة، على الرغم من أن قوانين المملكة تحرم زيارة المقابر وتبجيل الأسلاف.

جذور تاريخية

وأوضحت الصحيفة البريطانية البارزة أن سكان المملكة من الشيعة لا يتجاوز 10%، إلا أن حالة الغضب ربما لا تظهر بالوضوح الذي تشهده تلك البلدة، ربما لانها تمثل حالة استثنائية لها جذور تاريخية تمتد إلى الثلاثينات من القرن الماضي، عندما عارض جد الشيخ النمر المعاهدة التي وقعها عدد من وجهاء الشيعة مع الملك عبد العزيز مؤسس المملكة.

على الجانب الأخر، تستطرد “الإيكونومست”، تنتشر سلطات الأمن عند مخارج ومداخل المدينة في الطرق السريعة، حيث يتفحصون أوراق الداخلين إلى المدينة والخارجين منها، الأمر الذي تبرره السلطات السعودية بحمايتهم من هجمات محتملة قد تستهدفهم من قبل ميليشيات “داعش”، والتي سبق وأن استهدفت عددا من المساجد الشيعية في المنطقة الشرقية في الأشهر الماضية، إلا أن الكثير من المتابعين يرون أن الهدف من تلك الإجراء يتجاوز ذلك بكثير حيث يتمثل في السيطرة على تمرد سكان المدينة من الشيعة.

الدعم العسكري للسنة

وأضافت الصحيفة أن الدعم العسكري التي تقدمه السعودية للأنظمة السنية الحاكمة في الدول الأخرى ربما يزيد من الوضع التهابا في المدينة السعودية، بالإضافة إلى قرار قطع العلاقات مع طهران على إثر إقدام متظاهرين إيرانيين باقتحام سفارة المملكة على خلفية إعدام الشيخ النمر حيث أثار هذا القرار استياء الشيعة المحليين في المملكة نظرا لمنعهم من السفر إلى المواقع الإيرانية المقدسة، وهو ما دفع بعضهم لاطلاق حملة احتجاجية على القرار بمواقع التواصل الاجتماعي.

واختتمت الإيكونومست تقريرها بالقول بأن التسوية ربما أصبحت صعبة إلى حد كبير، ولكن مازال خط التراجع عن حافة الهاوية متاح، موضحة أن الحكومة السعودية كانت حريصة بصورة كبيرة على إدانة الهجمات التي استهدفت المساجد الشيعية، خاصة وأن المملكة بكل تأكيد لن تستفيد بأي حال من الأحوال من إثارة حرب طائفية في الداخل السعودي خلال المرحلة المقبلة.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.