سعيد اﻷحمد: «ورا ما نمرح»؟

سعيد اﻷحمد: «ورا ما نمرح»؟

شارك

ببداية السبعينيات الميلادية، كما روى لنا (أبومقبل) رحمه الله، وقد كان أحد أهم المضاربين في “الوول جفرة”، على وزن “الوول ستريت” وهوسوق البورصة المعروف في قلب منهاتن نيويورك، القريب بشكل منطقي من عربة بيع (الكلب الساخن) على الرصيف الأيسر المواجه لـ “التايمز سكوير”.. “الوول جفرة”، القريبة جدًا من سوق الزل، والبعيدة عن شطائر (الكلب الساخن)، كانت بورصة (العارض) ومصنع النقد الأول في منطقة (الباطن) وما حولها..

 

روى لنا المضارب أبومقبل حكاية الحكيم (أبوسعد) و”كشتاته” مع الأصحاب، حيث كان “أبو سعد” كبيرهم وحكيمهم (بهاك الحين).. فبيوم ماطر لطيف الهواء رحيم الشموس، توغلت “الشلة” في الصحراء، ولم ينتبهوا أنهم ابتعدوا وانغمسوا في الربع الخالي وتاهو إلا عندما انغرست إطارات “الديهاتسو” في الرمل، وفقدوا جميع حيل الإنقاذ.. كان الوقت نهارًا، وبعد أن بذلوا كل محاولاتهم، واختبروا كل أفكار الخلاص، انتصف ليلهم وتهدجت عضلات إرهاقهم، وصرصرت أمعاء جوعهم, فالتفتوا لحكيمهم “أبي سعد” متسائلين:

 

– وش الدبرة يا أبوسعد؟

 

أجاب متسائلا، بهدوء:

 

– وشهي دبرته؟

 

فاسترسلوا بتلعثم واضطراب:

 

– انتصف الليل وخلصت بطاريات (القطو) حقت الكشاف، وخمد جمر الغضا، ومالقينا حل؟ وش الرأي يا أباسعد؟

 

كوم “أبوسعد” حفنة من الرمل، على شكل وسادة توسدها بيأس هاديء ورصين،  وقال:

 

– الرأي نمرح!

 

وهاهم “دواعشنا” يلقون بنا في غياهب الجب، ويقتلون الشيوخ ويسفكون دم الأطفال، و”يجفرون” بعفوية الصغار، ويلوكون كبد الوطن، ونحن نتكبد لعنات التكفير وتعاسات التفكير، ونضع سعف النخل تحت إطارات “الديهاتسو” المغروسة في الرمل كبحث عن منفذ…

 

رحم الله “أبا سعد”، ولن أستطيع المفاخرة بموته أو تمني بقاءه، غير أني أحمد الله أنه ليس بيننا الآن، لا تشكيكًا بحكمته، بل خشية أن نستشيره رأيًا فيكوم حفنة من الرمل- على شكل وسادة يتوسدها فيقول لنا:

 

– الرأي نمرح !

 

———–

 

هامش:

 

لغير المتحدثين باللغة الأسبانية:

 

1- ورا: حسب قاموس أبومقبل = لم لا؟

 

2- نمرح: حسب قاموس الحكيم (الممرح) أبوسعد= نبيت حيث نحن، أي ننام.

 

3- الوول جفرة: حسب قاموس الشيخ المذكور أعلاه= سوق الجفرة بالقرب من سوق الحمام، وهو أقدم سوق مال وأعمال ومضاربات، حيث كان يقرض المال مقابل “رز وبر” ليس على “خياشها” تاريخ صلاحية

 

4- الكلب الساخن: الهوت دوج، حسب قواميس جون ستيوارت وترجمة أنيس عبيد، على طريقة ترجمته لـ(تبا لك)

 

٥- ديهاتسو: سيارة “أبي سعد” إللي تشبه الهايلوكس حسب ترجمة هاروكي موراكامي.

 

 

 

وما هنا إلا سلامتكم .

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.