شارك

يحق لصادق خان الاستمتاع بفرحة النصر. ففي الخامسة والأربعين من عمره، صار ابن سائق الحافلة الباكستاني ثالث رئيس بلدية للندن منذ استحداث هذا المنصب في العام 2000، وأول رئيس بلدية مسلم لمدينة غربية كبيرة.

وقال صادق خان، النائب العمالي بعد الإعلان الرسمي عن فوزه على زاك جولدسميث مرشح حزب المحافظين، بـ 57% من الأصوات، وسط تصفيق أنصاره وهتافاتهم، أن “هذه الانتخابات لم تخل من الجدال، ويسرني أن لندن قد اختارت اليوم الأمل بدلا من الخوف والوحدة بدلا من الانقسام”.

لكنه كان قبل أشهر يقول إنه “لا يتخيل أبدا” أن يتم اختياره لهذا المنصب. وهو ليس الوحيد في بلد ما زالت السياسة فيه حكرا على بعض النخبة من خريجي “معهد ايتون” وجامعتي كامبريدج واوكسفورد.

درس صادق خان في مدرسة ثانوية رسمية غير مشهورة في الحي الذي كان يسكنه، وفي جامعة نورث لندن. وهو يعرب عن امتنانه لهذا التعليم الرسمي والمجاني. ويدأب صادق خان الآتي من بيئة متواضعة جدا على القول “أنا مدين بكل شيء للندن”.

ولد صادق خان في أكتوبر 1970 من عائلة باكستانية هاجرت حديثا إلى بريطانيا، ونشأ مع أشقائه وشقيقاته الستة في حي توتينغ الشعبي في جنوب لندن. وكان والده سائق حافلة ووالدته خياطة.

كان يرغب في بادئ الأمر أن يدرس العلوم لكي يصبح طبيب أسنان، لكن أحد اساتذته لمس براعته في النقاش والمواجهة ووجهه نحو دراسة القانون. بالتالي درس المحاماة وتخصص في قضايا حقوق الإنسان وترأس على مدى ثلاث سنوات منظمة “ليبرتي” غير الحكومية.

وفي طفولته تعلم الملاكمة حتى يتمكن من التصدي لكل من يتجرأ على نعته بـ”الباكستاني” في الشارع.

وفي سن 15 عاما انضم إلى حزب العمال وانتخب عضوا في مجلس بلدية واندسوورث في جنوب لندن عام 1994، المنصب الذي تولاه حتى 2006.

وفي 2005 تخلى عن مهنة المحاماة وانتخب نائبا عن توتينغ حيث لا يزال يقيم حتى الآن في منزل أكبر بعض الشيء من ذلك الذي نشأ فيه مع زوجته سعدية المحامية وابنتيهما.

لا يعرف الخسارة

بعد ثلاث سنوات، عرض عليه جوردن براون منصب وزير مكلف شؤون المجموعات ثم حقيبة النقل في السنة التالية. وأصبح أول مسلم يتولى حقيبة في حكومة بريطانية.

يبدي صادق خان الذي يبلغ طوله 1.65 مترا، ويجتمع في شعره السواد والبياض، قدرة كبيرة على العمل وقوة يتحدى بها كل المصاعب. وقد فاجأ فوزه في الانتخابات التمهيدية العمالية ضد تيسا جويل، الوزيرة المنتدبة للألعاب الأولمبية في حكومة توني بلير، الجميع لكنه لم يشكل مفاجأة للمحيطين به.

وقال أحد مستشاريه لصحيفة “بوليتيكو” على الانترنت، “إنه لا يعرف الخسارة”.

وأسفرت جهوده عن تمكين حزب العمال في لندن من تحسين رصيده العام الماضي في الانتخابات النيابية فيما كان الحزب يمنى بهزيمة على المستوى الوطني.

وقبل خمس سنوات، قاد حملة إد ميليباند لترأس الحزب. وقد فاز إد على شقيقه دايفيد الذي كان مع ذلك الأوفر حظا.

وخلال الحملة الانتخابية في لندن، وردا على المحافظين الذين كانوا يحاولون اسقاطه عبر اتهامه بالتقارب مع المتطرفين الاسلاميين، قال إنه يشعر “بخيبة أمل” لكنه تجنب المزايدة. واكتفى بالتذكير بأنه صوت لصالح زواج مثليي الجنس ما أدى إلى تلقيه تهديدات بالقتل وأنه لا يزال يندد بالتطرف مشبها إياه بالسرطان.

ووعد صادق خان بسياسة اجتماعية، فهو يريد بناء مزيد من المساكن الجميلة وتجميد تعرفات النقل طوال أربع سنوات.

لكنه يقول إنه سيعنى أيضا بمجال الأعمال، وقد تعهد الدفاع عن مصالح حي المال والأعمال في لندن من خلال القيام في البداية بحملة للبقاء في الاتحاد الأوروبي.

وقال في خطابه الذي ألقاه ليل الجمعة السبت إن “الخوف لا يعطينا مزيدا من الأمان، أنه لا يجعلنا نشعر إلا بمزيد من الضعف، والخوف ليس من صفات مدينتنا”.

وللذين يعتبرون أنه بات قادرا على الوصول إلى رئاسة حزب العمال، وفي هذا الإطار، تولي منصب رئيس الوزراء، أكد ان هذا الطموح لا يدغدغ مخيلته. وقال إن رئاسة بلدية لندن “هي الغاية بحد ذاتها”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.