عبدالله الجنيد: دبلوماسية سوتشي

عبدالله الجنيد: دبلوماسية سوتشي

شارك
هل لاختيار مدينة سوتشي بدل موسكو من قبل الرئيس بوتين لاحتضان لقائه بكل من ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد اولا، وولي ولي العهد السعودي ووزير دفاعها الامير محمد بن سلمان لاحقا اية دلالات تتجاوز استعراض جوهرة تاج الإمبراطور؟. فالرئيس بوتين أراد تجاوز تأجيل أو إلغاء الزيارة المقررة للملك سلمان لموسكو باستقبال ضيفيه في سوتشي، متحججا بمشاركتة في فعاليات الجائزة الكبرى للفورملا وان المقامة فيها يوم الأحد الفائت.
الرئيس بوتين ومن خلفه المؤسسة الإعلامية الروسية، بالاضافة لأخرى صديقة أو متبنية للتدخل الروسي في سوريا، لم تفتأ محاولةً تصوير أن هناك تباين بين الرياض وابوظبي من ذلك التدخل، لدرجة أن الروس يحاولون الآن القراءة في لون الدشداشة التي يختارها الشيخ محمد بن زايد في لقاءاته ببوتين. لأن مستوى التطابق السياسي في المواقف بين الإمارات والسعودية بات مقلقاً ليس للروس فقط بل حتى للأمريكان.
لذلك تجتهد روسيا الآن وبعد أن أوضحت حدود موقفها من نظام الأسد في إعادة ترميم الجسور مع السعودية، لإدراكها أن تخليق تفاهمات استراتيجة مع الرياض أجدى من معاداتها، وأن إعادة الاستقرار لسوق الطاقة لن يحدث دون الاتفاق مع الرياض أولا.
الرئيس بوتين افترض أن مباركة الرياض للاتفاق النووي التي أعلنها الملك سلمان خلال قمة واشنطن مثلت عودة الدفء في العلاقات السعودية الامريكية، والفتور للعلاقات السعودية الروسية بعد لقاء وزيري خارجية البلدين في موسكو أغسطس الماضي. فالموقف السعودي المستشف خلال المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري خارجية روسيا و السعودية من سوتشي، لم يتغير بقدر ما هي “اللغة الموظفة”، لأن الروس قرأوا الموقف السابق للجبير في موسكو بالعدائي تجاهها، مما تطلب أن تعيد الرياض بالكرة للرئيس بوتين، لكي نرى إن كان سيحسن اختيار مخرجا يكون مقبولا لدى الجميع هذه المرة. إلا أن الرياض قد أوصلت رسائلها الإقليمية عبر وسطاء آخرون، قد يكون أحدها اللقاء المتلفز لمدير المخابرات العامة السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل مع قناة سكاي العربية والتي بثت عشية لقائي سوتشي.
الفيصل وصف إيران ب”نمر من ورق بمخالب فولاذية”!!، فهل تشبية الفيصل مجازي أو هو أكثر من ذلك في هذا التوقيت تحديدا، فبافتراض حدوث تطور سياسي على خلفية حادثة تدافع منى وضلوع إيران فيه، فإن ذلك سيقود بالتأكيد لشكوى أخرى لمجلس الأمن تضاف للشكوى المقدمة من مملكة البحرين بضلوع إيران المباشر في تسليح وتمويل المنظمات الإرهابية في المملكة. وفي حال حدوث ذلك، فإن عبء التكلفة السياسية للحليف الإيراني المشاكس سيرتفع، ناهيك عن تعقيدات الموقف الأمريكي الصيني في حال جرجرة إيران لمجلس الأمن.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.