غازي الحارثي: لو تدخلت السعودية بريًا في سوريا

غازي الحارثي: لو تدخلت السعودية بريًا في سوريا

شارك

لطالما كانت الحرب على الإرهاب ذريعة دولية للتدخل السياسي والعسكري فيما هو أبعد من مجرد محاربة الجماعات الإرهابية؛ وأبسط تأكيد على ذلك هو التدخل العسكري الروسي في سوريا بطلب من النظام بذريعة محاربة الإرهاب، فيما كشفت الوقائع ​أ​ن الحرب كانت ضد المعارضة بالمقام الأول، وضحاياها كانوا المدنيين العزل، لذلك يتخوف البعض من السوريين من المبادرة السعودية بالتدخل البري لمحاربة داعش في سوريا ضمن التحالف الدولي القائم هناك، وهو تخوف مبرر في شكله، لكنه غير مبرر في مضمونه.

فلا يمكن أن تتخلى السعودية عن موقفها الداعم للشعب السوري والرافض للتدخلات غير الشرعية لحلفاء النظام، كما لا يمكن أن تُقدِم السعودية على خطوة منهِكة ومستنزِفة كهذه إلا وهي تسعى لمصلحتها الاستراتيجية الكبرى حاليًا​؛​ وهي حماية أمنها القومي وإعادة الاستقرار الاقليمي والعربي وذلك بالقضاء على الإرهاب.

وإبعاد إيران عن الأراضي العربية التي احتلها قسرًا، لذلك فالمصلحة السعودية من التدخل البري مشروعة، فلا أحد أجدر منها بمحاربة الإرهاب الذي خطف أبناءها، وفجر مساجدها، وأساء للإسلام السني، خصوصاً ان المشاريع القائمة حاليًا لم تحقق أهدافها المعلنة، فداعش وغيرها من التنظيمات استمرت في التوسع والانتشار حتى خارج الإقليم، والسعودية أكثر من ذاقت مرارة ذلك.

لكن وبعيدًا عن تبرير التدخل السعودي لمحاربة داعش -الذي لا يحتاج أساسًا للتبرير- فإن الواقع على الأرض معقد جدًا، ويحتم على السعودية وحلفائها المستعدين للمشاركة لو تدخلوا برياً أن يرتبوا جيدًا حساباتهم الاستراتيجية لما قبل وما بعد المعركة، فالأرض مشتعلة وفي كل متر مقاتل وكل عشرين متر دبابة وفي الجو طائرات مقاتلة والأرض أساسًا مطمع واسع ومنقطع النظير للقوى الموجودة عليها، وبعض القوى التي لم تدخلها بعد، ولا يبدو أن هناك أفقًا لتنسيق حقيقي على الحل الحاسم للقتال على الأرض.

ليس معقولاً أن تنظف السعودية وحلفاءها الأرض من داعش للنظام والمعارضة ويخرجون من أرض المعركة من دون أن يكملوا هدفهم الاستراتيجي بإبعاد إيران الجالب الأكبر للميليشيات الشيعية المسلحة من الأرض السورية، وكما لا يتوقع أن تنسحب روسيا أيضًا من المعركة بمجرد القضاء على داعش من دون حل سياسي دولي وثيق.

لكن مجملاً فالحلول السياسية التي كان يتوقع لها النجاح انهارت تباعا،ً من جنيف 1و2و3 إلى فيينا، ولم يعد هناك أفق أبعد من سيناريو الحسم العسكري العربي في اليمن بقيادة السعودية عندما أتى التدخل العسكري مفاجئًا مختصرًا أفقًا ضيقًا من الحلول السياسية المتبقية التي كان يستغلها الحوثيون لشراء الوقت -كما النظام السوري وحلفاؤه- وكاسرًا لطبيعة الدبلوماسية السعودية طويلة النفس، وأظهرها بشكل جديد يقوم على أساس تواجد الرغبة وعنصر المفاجأة، لذلك وللسعي في فك هذه الشرابيك المعقدة يجب أن تكون العملية البرية ضمن إطار عام -لا يشترط أن يكون معلنًا- لعملية السلام في سوريا بحيث يكون القضاء على داعش طريقًا للإطاحة بالأسد.

حتى لو اقتصر ذلك على دعم أكبر من السابق للمعارضة المعتدلة ضده خصوصًا أن حمل مواجهة داعش قد انزاح عنها، ويجب أن يكون كل ذلك الجهد العسكري والسياسي بضمان المشاركة والقيادة الأميركية وإلا فلا، لأنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة في هذه الخطوة التاريخية.

ومع أن إدارة أوباما لا ترغب بالتأكيد في أن تنتهي ولايتها قبل أن تحل مشكلة داعش التي ظهرت في عهدها، والأزمة السورية التي أصبحت عالمية بإفرازاتها، إلا أنها تظل طرفًا غير أمين مع الخليجيين بناءً على سياساتها معهم منذ وصولها، والتي أبدى الخليجيون في غير ذي مرة تذمرهم منها، ووقفوا ضدها وفي أكثر من ملف .

نقلًا عن “الوئام” الإليكترونية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.