طبيب يروي شهادته على «حادث منى»

طبيب يروي شهادته على «حادث منى»

شارك

«كان يومًا عصيبًا.. كنا نرى الموت من كل اتجاه.. هذا اليوم التقت فيه هموم الجميع نحو ضيوف الرحمن، وظهرت فيه معادن الرجال، وزالت فيه المجاملات، والبروتوكولات».. بنبرة كسيرة، وصوت يملؤه الحزن، وكلمات مُعبرة عن مدى الآسى، روى أخصائي طب الطوارئ والكوارث، الدكتور فهد الحجاج، شهادته حول تداعيات «حادث منى».

الدكتور فهد، أكد أن هذه الحادثة أثرت فيه بشدة، على الرغم من تواجده في مستشفى يُعد بعيدًا عن موقع الحادث؛ واصفًا ذلك اليوم بـ«العصيب»، قبل أن يروي تفاصيل شهادته قائلًا: لم يصلي بعضنا العصر إلا بعد غروب الشمس، كيف لا وأنت ترى الموت مع كل اتجاه، خرجتُ أحمل ثلجًا لأضعه على حاج يحتضر فالتفت يمينًا ويسارًا أبحث عن من يُساعدني على حمله إلى السرير فلم أجد أحدًا.

معادن الرجال

«كل واحد قد انشغل بأمر عظيم، التفت إلى أحد الزملاء ليعينني، وإذ العشرات بجانبه، ويستشعر كل واحد منا أنه هو المسؤول عنهم جميعًا»، يستكمل فهد الحجاج شهادته، مضيفًا: «تقيأ مريض فرأيت مدير المستشفى يمسح القيء عن وجهه بدون اشمئزار أو تذمُر، أحدهم يدور ويصرخ: لا تغطو رؤوس الحجاج لا تخمروهم حتى يبعثون يوم القيامة ملبين».

«الحجاج» أضاف: «رأيت الجنائز والموت أصرخ بأعلى صوتي بحثًا عن من يُساعدني على إنعاش مريض ولكن لا مجيب، فكتبت على ورقة صغيرة مُفادها يحتضر، ووضعتها على جبينه». واستطرد قائلًا: «توليت منطقة تحتوي على أكثر من 40 سريرًا للعناية المركزة والإجهاد الحراري، توفي عندي 2، وعاش 100 بحمد الله وفضله».

مشهد مهول

«أسترق الثواني؛ لأبحث في الممرات عن محتضر ألقنه الشهادة أو مريض أنقذه فيهولني العدد وأعود مسرعًا إلى مرضاي، وأتأكد من تطور حالاتهم، بعضنا مضى له 36 ساعة متواصله لم ينم». يروي «الحجاج» شهادته على حادث منى، مضيفًا: «دخلت دورة المياه، وبعد ثواني يتم طرق الباب أخرج لدينا حالات طارئه لا تحتمل تأخير لثواني؛ فحولنا قاعة المحاضرات إلى قاعة تبريد وصرنا ندخل مرضى الإجهاد الحراري بلا رقم ولا ملف فامتلأت في دقائق».

واختتم «الحجاج» شهادته قائلًا: «رأيت من يعمل تقربًا لله ويعرَّ نفسه للتهلكه لينقذ حاجًا من حجاج بيت الله، كيف لا ونحن نتذاكر فيما بيننا (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا).

وفي نهاية رواية «الحجاج» أكد على الجهد الذي بذله المسؤولون السعوديون على كافة القطاعات، ولاسيما القطاع الصحي، وشدد على أنهم كأباء أيضاً بذلوا كل جهدهم في تقديم المساعدة لضيوف الرحمن.

يذكر أن المملكة العربية السعودية شهدت أمس الخميس، حدثًا أليمًا، أسفر عن وقوع عدد من الوفيات والإصابات بين ضيوف الرحمن.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.