شارك

إذا كان لديك أي شك حول دوافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإغلاق صحيفة “زمان”، فعليك أن تضع في الاعتبار فقط أن الصحيفة المعارضة للنظام الحاكم في تركيا وضعت إعلانات تأييد للرئيس في غضون 48 ساعة من محاصرتها من قبل الشرطة. هكذا استهلت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالها الافتتاحي حول مستقبل الديمقراطية في تركيا.

وقالت الصحيفة الأمريكية أن الشرطة التركية استخدمت خراطيم المياة، وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق حشود من الناس أعربوا عن تأييدهم لحرية الصحافة، أمام مقر الصحيفة اليومية الأوسع انتشارا، التي تعد أحد وسائل الإعلام المعارضة القليلة في تركيا، وذلك في أعقاب حكم قضائي بوضع الصحيفة تحت إدارة لجنة من الأمناء، بينما يتم العمل حاليا على التخلص من الأرشيف الإلكتروني للصحيفة.

حلقة في سلسلة استبدادية

الهجوم الشرطي على الصحيفة التركية المعارضة ليس بالأمر المفاجئ على الإطلاق، بحسب “نيورك تايمز”، فالصحيفة مملوكة لرجل الدين التركي فتح الله جولن، والذي كان حليفا للسيد أردوغان يوما ما، إلا أنه تحول بعد ذلك لصفوف المعارضة، لتتحول بالتبعية وسائل الإعلام المملوكة له نحو معارضة سياسات النظام الحاكم في أنقرة.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الحملة التي شنتها السلطات التركية على الصحيفة المعارضة ما هي إلا الحلقة الأحدث في سلسلة من السياسات الاستبدادية التي يتبناها الرئيس التركي، واشتملت من قبل على سجن المعارضين السياسيين، وتهميش المؤسسة العسكرية، وشن حملة عسكرية على الأكراد، بالإضافة إلى استهداف وسائل الإعلام.

عرف أردوغان

تركيا تعد أحد الدول الرائدة في سجن الصحفيين والإعلاميين، هكذا تقول “نيويورك تايمز”، فهي تشن بحملة منظمة للقضاء على فكرة حرية الصحافة بشكل كامل، ولعل الدليل الأبرز في هذا الإطار هو إقدام السلطات القضائية في تركيا على تحريك أكثر من ألفي قضية ضد صحفيين وإعلاميين باتهامات تدور غالبيتها العظمى حول إهانة أردوغان، والتي تعد جريمة في عرف النظام التركي الحاكم.

إلا أن التساؤل الذي ربما يثور الان يدور حول ما إذا كانت تركيا سوف تستطيع أن تبقى عضوا موثوقا به في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، والذي تأسس كتحالف أمني يقوم في الأساس على المبادئ المشتركة، في ظل السياسات الاستبدادية التي تتبعها الحكومة التركية، والتي كان يراها العالم يوما نموذجا للديموقراطية الإسلامية، قبل أن يتبين بعد ذلك أن السيد أردوغان هو أبعد ما يكون عن الإيمان بالفكر الديمقراطي.

خنوع دولي

واستطردت الصحيفة الأمريكية أن الخنوع الأمريكي والدولي لموقف أردوغان من حرية الصحافة يعد أمرا مقلقا للغاية، حيث اقتصر رد الفعل الأمريكي على تصريحات الرئيس باراك أوباما والتي وصف خلالها تحركات السلطات التركية ضد صحيفة “زمان” بـ”المثير للقلق”، في حين أن الاتحاد الأوروبي قال إن هناك حاجة إلى احترام وتعزيز المعايير والممارسات الديمقراطية، بما في ذلك حرية الصحافة والإعلام.

واختتمت “نيويورك تايمز” بالقول بأن الموقف الغربي المتخاذل ربما تكون له مبرراته إذا كان هناك أمل في إقناع أردوغان باتخاذ موقف أكثر جدية من أزمة اللاجئين التي تجتاح أوروبا وباتت تمثل تهديدا لها، إلا أنه في الواقع كان الموقف التركي أكثر تشددا خلال اللقاء الذي جمع بين أردوغان ومجموعة من القادة الغرب، الاثنين، حيث وضع شروطا متشددة من أجل التعاون في احتواء الأزمة من بينها مليارات الدولارات من المساعدات وكذلك الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.