شارك

منذ اندلاع الأزمة السورية، تمكنت السعودية وإيران من الحفاظ على قدر من الهدوء على الساحة اللبنانية، والتي كانت بمثابة أحد أهم ساحات الصراع بينهما لعقود طويلة من الزمن، وتفرغ الغريمان الإقليميان للحرب بالوكالة فيما بينهما على الأراضي السورية، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إلا أن الأمر ربما اتخذ منحى مختلفًا في الآونة الأخيرة.

وأضافت الصحيفة الأمريكية البارزة أن السعودية اتجهت فجأة نحو تخفيض مليارات الدولارات التي تقدمها كمساعدات للبنان، في خطوة رآها البعض أنها تأتي بمثابة عقاب سعودي للدور الذي يلعبه حزب الله اللبناني- المصنف كمنظمة إرهابية- في الأراضي السورية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن القرار السعودي ربما يترك تداعيات سلبية على نفوذ المملكة في واحدة من أهم ساحات الصراع الإقليمي مع إيران.

أمر كارثي

ربما يكون الأمر كارثيا بالنسبة للبنان، خاصة وأن الأمر لم يقتصر على المساعدات التي تقدمها الحكومة السعودية لنظيرتها اللبنانية، ولكن يمتد أيضا إلى إقدام المملكة على تحذير مواطنيها من مغبات السفر إلى لبنان، والتي تعد أحد أهم المناطق في العالم الجاذبة للسياحة من المملكة، بحسب الصحيفة، في ظل ما تعانيه الحكومة اللبنانية من جراء حالة الانقسام التي تحيط بها، وكذلك استضافتها لأكثر من مليون لاجيء سوري على أراضيها، لتعود من جديد في قلب الصراع بالوكالة بين المملكة والدولة الفارسية.

إلا أن القرار السعودي ربما سوف يحمل تداعيات سلبية كذلك على المملكة في ظل صراعها من إيران، حيث إنه يعد بمثابة خطوة للوراء من قبل السعودية تفتح الباب أمام مزيد من التوغل الإيراني في لبنان على حساب الحكومة السعودية وحلفاءها السنة، هكذا تقول “نيويورك تايمز”، خاصة وأن خطوة تخفيض المساعدات ربما لن تؤدي على الإطلاق لتقييد تحركات حزب الله اللبناني أو منعه من تقديم الدعم للنظام السوري خلال المرحلة المقبلة.

فقدت صوابها

يرى المحلل السياسي اللبناني، علي رزق، والمقرب من حزب الله، أن السعودية ربما فقدت صوابها منذ توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية الكبرى في يوليو الماضي، موضحا أن الخطوة التي اتخذتها المملكة تجاه لبنان ليس فقط من شأنها الإخلال بالاقتصاد اللبناني، ولكن أيضا ربما يؤدي إلى الإخلال بالتوازن الهش في تلك الدولة لأنه من شأنه إشعال الصراع الذي بدأ يتأجج في الداخل اللبناني بصورة كبيرة.

وأضافت “نيويورك تايمز”، في تقريرها اليوم الخميس، أن التحرك السعودي الأخير وضع لبنان في موقف لا يحسد عليه، في ظل القوى الكبيرة التي تحظى بها الميليشيات الشيعية والتي تفوق قوة الجيش اللبناني نفسه، وبالتالي فإن ميليشيات حزب الله تتحرك باستقلالية في سوريا بعيدًا عن إطار الدولة اللبنانية، وكانت سببا رئيسيا في صمود الأسد ونظامه حتى الآن.

غير منطقي

الأمر لا يقتصر على الساسة الموالين لحزب الله في لبنان، بحسب الصحيفة، ولكن هناك ممن هم ينتمون لمعسكر المملكة في الداخل اللبناني الذي أعربوا عن امتعاضهم من التحرك السعودي، حيث وصفوا مطلبها من الحكومة اللبنانية بإدانة إيران وحزب الله بـ”غير المنطقي”.

من ناحيته، يقول السياسي اللبناني، وليد جمبلاط، القائد الدرزي الذي تحالف مؤخرا مع حركة المستقبل اللبنانية والموالية للمملكة، إن “من يعتقدون أن حزب الله سوف يسحب ميليشياته من سوريا بسبب بعض المواقف العربية مخطئون، لأن الميليشيات لن تنسحب من سوريا بهذه البساطة.”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.