شارك

على الرغم من أن تركيا سعت طيلة السنوات الماضية أن تنأى بنفسها بعيدا عن الصراع الإيراني السعودي طيلة السنوات الماضية، حتى يمكنها القيام بدور الوسيط الإقليمي، إلا أنها فشلت في الحفاظ على موقفها الحيادي مع التوتر الأخير الذي نشب بين الرياض وطهران، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”.

وأشارت الصحيفة إلى إقدام السلطات التركية على استدعاء السفير الإيراني لديها للاعتراض على التقارير الاعلامية التي ربطت بين زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي وإعدام الشيخ السعودي المعارض الموالي لطهران نمر النمر.

قيادة العالم السني

الحكومة التركية سعت خلال السنوات الأخيرة لملء الفراغ الذي نشب عن الصراع بين المملكة العربية السعودية، وحلفائها السنة، وإيران، بحسب الصحيفة الأمريكية، حيث سعى النظام الحاكم في تركيا لتبني حلا وسطا في التعامل مع هذا الصراع من خلال الدعوة للحوار، وذلك لتقديم أنفسهم كوسيط محتمل، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام الأتراك ليضعوا أنفسهم في موقع القيادة للعالم السني في منطقة الشرق الأوسط.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى تعليقات المسؤولين الأتراك على الأزمة التي نشبت بين البلدين في أعقاب إقدام السلطات السعودية على إعدام الشيخ السعودي المعارض نمر النمر، حيث حاولوا الحفاظ على قدر من التوازن، حيث حذر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من تداعيات التظاهرات الإيرانية والتي قد تؤجج جوا عدائيا في المنطقة، في الوقت الذي أشار المتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية إلى أن أنقرة ليس لديها أحكام بالإعدام في انتقاد ضمني للمملكة.

تحديات جديدة

الصراع الأخير بين إيران والسعودية، ربما يضع المزيد من التحديات أمام نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وطموحاته، بحسب “نيويورك تايمز”، خاصة وأن تركيا تسعى حاليا لإصلاح علاقتها بالمملكة بعد أن توترت خلال السنوات الأخيرة جراء الدعم التركي لثورات الربيع العربي وصعود جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى السلطة، وهو الأمر الذي عارضته المملكة بشدة.

وفي نفس الوقت، يعمل النظام الحاكم في تركيا على الحفاظ على قدر من التوازن في علاقته مع إيران، وذلك رغم الخلاف الكبير بين البلدين حول الأوضاع في سوريا، في ظل الدعم الذي تقدمه الحكومة الفارسية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، في حين أن تركيا قد أعربت عن دعمها الكامل لفصائل المعارضة السورية.

الجانب الاقتصادي

وأشارت الصحيفة الأمريكية البارزة إلى أن الأتراك اتجهوا مؤخرا لتجزئة علاقتهم مع الجانب الإيراني، ففي الوقت الذي تشهد فيه العلاقة قدرا كبيرا من الخلاف حول الوضع في سوريا، إلا أن هناك علاقات اقتصادية مهمة بين الجانبين، في ظل اعتماد تركيا على إيران لاستيراد الغاز الطبيعي خاصة بعد توتر العلاقات مع روسيا مؤخرا أعقاب إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية على الحدود مع سوريا.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء التركي داود أوغلو كان حريصا على توازن تصريحاته حول الأزمة السعودية الإيرانية الأخيرة، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدا منحازا بصورة أكبر للمملكة العربية السعودية، حيث انتقد الموقف الإيراني من إعدام الشيخ السعودي المعارض نمر النمر، معربا عن استغرابه من الرفض الإيراني لإعدامه في حين أنهم يتقبلون المجازر التي يرتكبها النظام السوري.

ليست محل ثقة

وأضافت الصحيفة أن فرصة أنقرة للقيام بدور الوسيط بين الرياض وطهران تبقى محلا للتساؤل خلال المرحلة المقبلة، حيث يرى بعض المحللين أن الأتراك يرتبطون بمصالح مع البلدين، وبالتالي يمكن أن تكون مؤهلة للقيام بمثل هذا الدور خلال المرحلة المقبلة، إلا أن آخرين استبعدوا ذلك تماما.

وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا لا تستطيع القيام بدور الوسيط، لأنها ليست محل ثقة من الجانب الإيراني، خاصة وأن الحكومة التركية اتخذت عدة خطوات لدعم المواقف السعودية، ولعل أهمها الدعم التركي لضربات التحالف العربي لمعاقل المتمردين الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى حرص الحكومة التركية على الترويج لنفسها باعتبارها قوى سنية وهو ما يعني أنها لن تكون حيادية إذا ما قامت بدور الوسيط.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.