شارك

على الرغم من أن المملكة العربية السعودية لم تكن تنظر إلى ثورات الربيع العربي مع بدايتها بالكثير من التفاؤل، إلا أنها نجحت في استخدام تلك الحالة للإطاحة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي، حيث استخدمت التها الإعلامية من أجل الترويج للانتهاكات التي ارتكبها النظام الليبي في حق شعبه، بحسب ما ذكر موقع “سالون” الأمريكي، حيث أن القيادة السعودية لم تغفر إساءة القذافي للعاهل السعودي الراحل الملك عبد الله خلال اجتماع الجامعة العربية في عام 2009.

وزعم الموقع الأمريكي، في تقرير له، أن المملكة ألقت المليارات هنا وهناك من أجل إثارة المزيد من الفوضى في ليبيا، مع بداية الانتفاضة هناك، لإسقاط القذافي، وبالفعل تمكنت من إسقاطه بعد عامين فقط من إساءته للملك عبد الله، وذلك بمساعدة كبيرة من قبل القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلا أن الأمر ربما لم يقتصر على الوضع في ليبيا ولكنه امتد إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط.

هاجس إيران

وأضاف التقرير الإخباري أن ثورات الربيع العربي منحت المملكة الفرصة من أجل أن تتدخل في سوريا واليمن مثلما فعلت في ليبيا، من أجل تغيير النظام، وكذلك في البحرين ولكن للحفاظ على النظام الموالي لها هناك، وذلك من أجل الحد من النفوذ الإيراني في هذه الدول وتقويضه، ولكن بعد خمس سنوات من هذه السياسة التي تبنتها المملكة، تدمرت سوريا واليمن، بينما أصبحت البحرين بمثابة سجن لمواطنيها في ظل مباركة الحكام السعوديين.

ولكن، في المقابل، لم تتحقق أحلام المملكة في محو نفوذ الكيان الفارسي، هكذا يزعم الموقع، بل على العكس، فإن الدولة الفارسية ربما تحظى الان بنفوذ دولي أكثر من أي وقت مضى بفضل التوصل إلى الاتفاق النووي بين الحكومة الإيرانية والقوى الدولية الكبرى في يوليو الماضي، وهو الأمر الذي دفع العالم نحو مزيد من الانفتاح على طهران، وزاد من نفوذها الدولي والإقليمي بصورة كبيرة خلال المرحلة الراهنة.

الحرب النفطية

وأضاف التقرير أن رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران يفتح الباب أمام الاقتصاد الإيراني للعودة من جديد، في ظل اندماج الحكومة الإيرانية في الشبكات الروسية والصينية، بينما لم تصب الحرب النفطية التي شنتها المملكة على خصومها الإقليميين في صالحها، بل على العكس كانت تداعياتها السلبية أكبر على السعودية من خصومها، في ظل العجز الكبير الذي تشهده الموازنة السعودية، الاجراءات الصعبة التي قد تضطر الحكومة السعودية لاتخاذها في المرحلة المقبلة.

وأوضح التقرير أن الوضع في سوريا تغير إلى حد كبير منذ التدخل العسكري الروسي هناك، حيث أصبح من المستبعد أن يتم اسقاط نظاو الرئيس السوري بشار الأسد في ظل الدعم الروسي له، خاصة وأن التدخل العسكري الغربي ضد الأسد أصبح مستحيل في ظل عدم رغبة القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة في الدخول في مواجهة مباشرة مع القوات الروسية، كما أن الفصائل المعارضة في سوريا المدعومة من قبل المملكة أصبحت ضعيفة في المرحلة الراهنة بالشكل الذي لا يسمح لها التأثير كثيرا في المشهد.

الغرب الخائن

الحديث السعودي عن إرسال قوات برية في سوريا، يبدو تكرارا للمشهد السعودي في اليمن، بحسب التقرير، وهو ما يعني مزيد من الخسائر، حيث أن المملكة لم تحقق أية مكاسب ملموسة منذ بدء حملتها على اليمن في مارس 2015، حيث اتسمت مقاومة الميليشيات الحوثية وتلك الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بالقوة أمام القصف السعودي المتواصل، بل وأن تلك الحملة العسكرية كانت سببا رئيسيا في تزايد قوة تنظيم القاعدة في اليمن.

واختتم الموقع تقريره أن المملكة في النهاية تلقي بالمسئولية على الغرب، حيث أن المملكة لا تشعر أنها من ينبغي من يتحمل مسئولية الاخفاقات المتتالية التي تكبدتها بفضل سياساتها غير المحسوبة في السنوات الأخيرة، ولكنها تشعر ان عدم إقدام الغرب على قصف سوريا، وكذلك تقاربه مع إيران بمثابة خيانة للمملكة، موضحا أن السعودية ربما تفقد مكانتها كقوى إقليمية كبرى إذا لم تقدم على مراجعة سياساتها في المستقبل القريب.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.