شارك

 

ربما كانت الدبلوماسية الصبورة سببا رئيسيا في النجاح الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الوصول إلى الاتفاق النووي الذي عقدته القوى الدولية الكبرى مع إيران، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، إلا أن القصة الأخيرة التي سوف يكتبها التاريخ ربما لن تقتصر عند هذا الحد.

وقال الصحيفة الأمريكية البارزة إن الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على الدولة الفارسية كانت أسبابا مهمة لرضوخ إيران لرغبات المجتمع الدولي، إلا أنها ليست عوامل كافية، ولعل الدليل على ذلك هو الوضع في كوريا الشمالية، موضحة أن المجتمع الدولي فرض عقوبات اقتصادية قاسية على كوريا الشمالية ولكنها لم تجدي منذ عقود.

استراتيجية البصمة الخفيفة

استراتيجية الرئيس الأمريكي قامت على عنصر رئيسي ربما لا يعرف عنه الكثير، يتمثل في العمليات السرية والتي تمكنت الإدارة الأمريكية من استخدامها كسلاح لتأخير البرنامج النووي الإيراني لفترات من جانب، وكذلك لإقناع النخب في الحكومة الإيرانية أن برنامجهم مخترق وبالتالي لا يوجد أمامهم طريق أخر سوى الرضوخ.

الإدارة الأمريكية لم تتحدث يوما عن هذا الجانب من الاستراتيجية التي تبنتها في التعامل مع الحكومة الإيرانية، بحسب الصحيفة، وهو الجانب الذي وصفه يوما ما أحد كبار مساعدي الرئيس الأمريكي باراك أوباما بـ”استراتيجية بصمة القدم الخفيفة”، والتي تفتح الباب أمام تجنب الحرب واسعة النطاق، وهو الأمر الذي بدا في خطاب أوباما الأحد الماضي، احتفالا بدخول الاتفاق النووي الإيراني لحيز النفاذ، دون الدخول في معركة عسكرية جديدة.

الحرب كانت وشيكة

مسئولو جهاز الاستخبارات الأمريكي، ربما رفضوا الخوض في الحديث عن الأعمال التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد إيران، بحسب “نيويورك تايمز”، إلا أنهم أكدوا أن البرنامج النووي الإيراني كان قد تطور بصورة كبيرة خلال الفترة الأولى من رئاسة أوباما، وبالتالي فقط كانت بالفعل الحرب وشيكة للغاية.

يقول مايكل موريل، نائب مدير جهاز الاستخبارات الأمريكية السابق، “لقد كنا أقرب إلى الحرب مع داعش، قبيل انطلاق المفاوضات النووية، ربما أكثر من أي وقت مضى منذ اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979.”

وأضاف “فرص الحرب مع إيران كانت أكبر بكثير في عهد أوباما، عما كانت عليه في عهد سلفه بوش”.

بوش رفض الحرب

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ربما لم يكن جديا في مسألة القيام بعمل عسكري ضد الدولة الفارسية، خاصة وأنه أنهى حربين في العراق وأفغانستان، وكانت مصداقيته تأثرت كثيرا في هذا الوقت من جراء استخدام ذريعة أسلحة الدمار الشامل من أجل تبرير القيام بعمليات عسكرية، وبالتالي لم يكن مقبولا استخدام نفس الذريعة في التعامل مع طهران.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن مذكرات كتبها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، قال فيها إن بوش رفض بالفعل اقتراحا منه بقصف مفاعل نووي في سوريا في عام 2007، ليكون ذلك بمثابة تهديد ضمني لطهران.

دور إسرائيلي

أما إسرائيل، فكانت تسعى من جانبها، لتشجيع الولايات المتحدة للقيام بعمل عسكري ضد طهران، إلا أن طلبها قوبل بالرفض أيضا من قبل بوش، بحسب الصحيفة، ولكنها كانت أكثر جدية في اتخاذ تلك الخطوة بنفسها في عهد الإدارة الحالية.

يقول وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، إن “رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو كان على وشك اتخاذ قرار الحرب ثلاثة مرات منذ وصول أوباما إلى البيت الأبيض في 2009.”

وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي، أصر “أوباما” على الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، وهي التي كانت لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، حيث ساهمت بصورة كبيرة على إقدام السلطات الإيرانية على إعادة حساباتها من جديد، في ظل حالة الركود التي ضربتها بشدة.

برنامج التخريب

ولكن يبقى الجانب الخفي في الاستراتيجية الأمريكية التي تبنتها إدارة أوباما في التعامل مع الخطر النووي الإيراني، بحسب “نيويورك تايمز”، وهو برنامج التخريب السري الأمريكي، وهو البرنامج الذي بدأ استخدامه منذ إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أي منذ أكثر من 15 عام.

وأشارت الصحيفة إلى جلسات محاكمة “عائلة تينر”، في سويسرا، والتي أتهمت بإمداد كلا من ليبيا وإيران وبعض العلماء في باكستان بالتكنلوجيا النووية، حيث أظهرت بعض التسجيلات المرتبطة بجلسات المحكمة أن جهاز الاستخبارات الأمريكية قام بتجنيد بعض العملاء من أجل إمداد الحكومة الإيرانية بمنتجات نووية فاسدة، يمكن من خلالها تخريب البرنامج الإيراني. ففي عام 2006 كانت قد انفجرت عدة أجهزة طرد مركزي، حيث اتضح أنها تعرضت للعبث من قبل الولايات المتحدة.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.