شارك

الأزمة المحورية في حراك “الإخوان” في العمل العام، منذ ما يقرب من ثمانية عقود، كانت في الإجابة عن سؤال بسيط في ظاهره، مصيري في جوهره: هل الجماعة ذات مطامع سياسية في الوصول إلى الحكم؟ أم أنها جماعة دعوية؟

كل إشكاليات التنظيم، وصدامه مع الأنظمة الحاكمة، تبلورت في الإجابة عن هذا السؤال.

وبعد أن عصفت الأحداث بالقيادي الإخواني “محمد مرسي” من الرئاسة المصرية، خرجت أصوات شبابية وأخرى منشقة عن الجماعة، تطالب القائمين عليها بتحديد موقف ثابت عن استراتيجيتها: هل هي دعوية أم سياسية؟

وفي هذا الإطار ذهب محللون إلى أن الإجابة عن هذا السؤال في اللائحة الجديدة للجماعة، من شأنه وضع حد لما تعيشه الجماعة من تخبط وفقدان حاضنة، وانشقاقات داخلية.

النهضة يتراجع

كانت تجربة إخوان تونس، تختلف بقدر كبير عن مثيلتها في مصر، حيث لعب المسار الثوري في تونس دورا مهما في تحجيم القوة الإخوانية على الأرض، كما أن جماعة تونس المنطوية تحت لواء حزب “النهضة”، كانت تراقب التجربتين المصرية والتركية عن كثب، في محاولة للاستفادة من تجربتين وصلتا إلى الحكم، لكن التجربة المصرية كانت لها بالغ الأثر في رسم خريطة التحركات للنهضة التونسي.

وخشية أن تلقى الجماعة في تونس، مصير إخوان مصر، عاد حزب النهضة خطوة إلى الوراء، مدركاً أن تصدر المسؤولية عقب ثورة، وفي ظل توترات تضرب بالشرق الأوسط، وتزحف على استحياء لباقي دول العالم، بمثابة قرار بـ”الانتحار السياسي”، وخسارة كل المكاسب التي حققها النهضة عقب ثورة تونس.

وكان موقف “راشد الغنوشي” واضحًا منذ تصدر مكتب الإرشاد بقيادة محمد بديع، مشهد التعديلات الدستورية الأولى عقب ثورة 25 يناير، ففي زيارته الأولى، ولقائه عدد من شباب الإخوان في أحد الفنادق المملوكة للجماعة، أوضح لهم أن فكرة السعي للاستحواذ على السلطة، والتي لمسها من لقائه مع مكتب الإرشاد في مصر، “خطوة متسرعة يجب تأجليها، حتى ترسخ الجماعة أقدامها في المعادلة السياسية الجديدة، خشية أن تخسر أى ظهير شعبي نجحت فى تكوينه خلال العقود الماضية”.

من هذا المنطلق كانت تحركات النهضة في الداخل التونسي، “بطيئة وثابتة”؛ خوفاً من فقدان ما فقده بديع وإخوانه، حتى وصل إلى قرار إعلان حركة النهضة، “حزبا سياسيا لا علاقة له بالعمل الدعوي”، وترك الدعوة للمنظمات المدنية.

وأوضح عضو شورى الحركة، زبير الشهودي، في تصريحات صحفية، أن قرار تحول “النهضة” إلى حزب سياسي بالمعايير التي حددها الدستور التونسي وقوانين الدولة، “أمر تم حسمه، وحظي بموافقة غالبية قيادات الحركة، خلال المؤتمرات المحلية والجهوية، وبانتظار المصادقة عليه بشكل قانوني خلال انعقاد المؤتمر العام للحركة”.

انعكاسات

خرجت المطالب من داخل جماعة الإخوان في مصر، تطالب القيادات بتحديد موقف مستقبل عمل الجماعة، هل هو سياسي أم دعوي؟ خاصة بعد الانشقاقات التي ضربت صفوف التنظيم، والصراع على السلطة، الأمر الذي نتج عنه تحطيم الصورة “الصنمية” للقيادات لدى الشباب، وهو ما اتفق مع مطالب عدد من المختصين في الشأن، الذين شددوا على ضرورة أن تحدد لائحة الجماعة ماهيتها وأهدافها، سواء دينية أو سلطوية.

ويأتي قرار “الغنوشي” ورفاقه متسقًا مع موقف إخوان الأردن في أن تنفصل تنظيمياً عن تنظيم الإخوان الدولي، وكذلك تلويح حركة “حماس” بالانفصال مقابل تحسين العلاقات مع مصر، وأن تكون عنصرا أساسيا في معادلة حل الدولتين، لحل الصراع “الفلسطيني- الإسرائيلي”، التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ، ليكون حجر عثره أمام الجماعة الأم في مصر، لتزيد من أزماتها الداخلية، وتهدد بالاستمرار في نفق سيد قطب، وأستاذية العالم.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.