مشعل الخالدي: أما آن لهذا الاختراق أن يتوقف؟!  

مشعل الخالدي: أما آن لهذا الاختراق أن يتوقف؟!  

شارك

عندما تحدث الأمير نايف بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- والأمير خالد الفيصل عن الاختراق في المؤسسات الحكومية فهما الأجدر بالحديث عن هذا، الأعلم بمكامن الاختراق ومواضع الخلل بحكم موقعهما الأمني والفكري في الدولة والمجتمع، وعندما وضعا أيديهما على ذلك الخلل وخصا به المؤسسة التعليمية حاربهما أشد حربٍ أولئك الذين يعتبرون المؤسسة التعليمية مفرخة لإنتاج الأتباع والمريدين، وبكل أسفٍ فعل اختراقهم الطويل الأمد في التعليم على تخريج جيل يتبنى أيدولوجية إقصائية محاربة للدولة والوطنية والوسطية، تستنكر دعوات الوسطية والتحضر والإنسانية وتخص الخير في متبوعيهم، وتعم بالشر على مخالفيهم وخاصة ولاة الأمر والأغلبية الصامتة السواد الأعظم من المجتمع.

هذا الاختراق واقع ملموس عاصره معظم شباب هذا الجيل الذي تربى على يد أناس تشربوا الغلو والتنطع والتطرف والإرهاب، استضافهم الخليج بعد أن علقت مشانقهم في سوريا ومصر لأسباب هي ذاتها يكررونها في البلاد التي استضافتهم، فهم عضوا اليد التي مدت إليهم كما وصفهم الأمير نايف رحمه الله.

ولا تكاد تخلو ذاكرة معظم الخليجيين من ذكريات هذا السم الفكري الذي أفشوه في مدارسنا وجامعاتنا، فالمؤسسة التعليمية كانت وما تزال أهم المؤسسات الحكومية التي يسعون إلى تثبيت أقدامهم بها ودس الحزبيين فيها، وعندما تمكنوا بعد أن خدعونا بقناع الدين ومظهر التقى والزهد والورع، قاموا بتسليم طلابنا لأساتذة ليسوا إلا أساتذة في شحن النفوس وتسميم العقول، وإيغار الصدور، يعملون لغرس مفاهيم مستوردة، يزينون لهم الحرية وهم أحرار، ويحدثونهم عن الظلم والطغيان تحت حكم عادل رشيد ويبكون من في السجون والسجون في بلادنا لم تنشأ إلا لمن يستحقها، حتى مهدوا عقول الشباب لقبول أفكار الخروج، وصنعوا منهم حطباً لثورة سعوا ويسعون الى إيقادها ولكن مكر الله شديد.

إن السنين السبع التي قضيتها في أحد تلك المدارس قبل أن ينجيني الله منها تركت ذاكرة سوداء جعلتني أكثر وعياً وإدراكاً بما يحيكه أعداء الدين والوطن، ذاكرة تبدأ من تسفيه هيئة كبار العلماء ووصفهم بعلماء السلاطين، وإنتهاءً بالتحريض على عدم إفشاء السلام على المسلمين بحجة أنهم جاهليون، مروراً بالتلقين بوصف المرأة التي لا تلتزم بالنقاب أو ظهرت شعرات من حجابها بالكاسية العارية الخبيثة، وحثي على البصق عليها -أجلكم الله-، وتكفير الشرطة والجيش بذريعة أنهم أعوان الطواغيت الكفار.

لذلك، كان متوقعاً من هؤلاء الخوارج المستترون أن ينتفضوا على الأمر الملكي السامي بتعيين الدكتور أحمد العيسى وزيراً للتعليم، فهم بهذا التعيين كمن هُدم عرشه الذي بناه وسعى لتثبيته لعقود من الزمن وشن حملات على المصلحين وحروباً فكرية على الأكاديميين حتى وصل بهم الأمر إلى الغزو كما في غزوة كلية اليمامة.

آن لهذا الإرهاب الفكري أن يتوقف، فالشعوب أصبحت واعية لا تنطلي عليها تلك الخدع النفسية التي يعمد إليها الحزبيون لاستبقاء عاطفة الناس وإبقاء شعبيتهم، ولقد سأم الناس من ترهيبهم بفقدان الثوابت الدينية والعقيدة والفضيلة والأخلاق، وسأموا من تحويل أي هزيمة سياسية أو فكرية يُمنى بها الحزبيون إلى صراع بين الإسلام والكفر، فتلك الحيل أصبحت بالية مستهلكة لا تنطلي إلا على السذج والمغفلين، وهؤلاء ليسوا في ركاب الحضارة ولا يعدون مع البشر.

1 تعليق

  1. تحويل أي هزيمة لهم إلى صراع بين الإسلام والكفر ماهو إلا محاولة لدغدغة مشاعرالمسلمين لكسب تأييدهم وتعاطفهم ، مثلما أستعملت القضية الفلسطينية وتر حساس يُعزف عليه متى ماحدثت تلك الهزائم ..!

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.