شارك

معارك ضارية تشهدها منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة، بهدف القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، بسبب تهديداته لأمن واستقرار المنطقة،  إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه هل ينتهي الصراع في المنطقة بانحسار التنظيم المتطرف؟

الانتصارات التي تحققت مؤخرًا على داعش، أدت إلى تراجعه في العديد من المناطق التي يسيطر عليها، إلا أنه خلال تلك المعارك، وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، ربما تتشكل حدود جديدة قد تضع بذور لصراعات جديدة سوف تكون أشد شراسة من الصراع الراهن.

أجندات متعارضة

الحرب التي وضعت الولايات المتحدة بذورها في المنطقة لتنأى بنفسها من أي محاولات لاستهدافها إرهابيا، أصبحت تحمل أهدافا مختلفة لكل أطراف الصراع، بحسب الصحيفة، خاصة وأن لكل منهم أجندته الخاصة التي يسعى لتحقيقها ولو على حساب الهدف الرئيسي للمعركة في سوريا والعراق وهو هزيمة التنظيم المتطرف.

ففي شمال العراق وسوريا، يتواجد الأكراد الذين يسعون إلى الاستفادة من المعركة الحالية لتشكيل حدود دولتهم التي يحلمون بها، في حين أن الميليشيات الشيعية يسعون بكل طاقتهم لتوسيع نفوذهم والسيطرة على المناطق السنية في العراق، بينما يبقى هدف الحكومة السورية هو استعادة الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد قبل ما يقرب من خمسة سنوات.

الصراع باق

في ظل هذا المشهد المهتريء، يصبح تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ليس أكثر من مجموعة من بين عدة مجموعات متصارعة من أجل تحقيق الهيمنة والنفوذ على أنقاض دول منهارة، وهي العراق وسوريا، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وأضافت “واشنطن بوست” أن داعش سوف تتلاشى سواء طال أو قصر أمد وجودها، موضحة أن الهزائم المتتالية التي لحقت بالميليشيات المتطرفة ربما جعلت هناك حالة من التفاؤل بين غالبية المتابعين أن نهاية التنظيم قد اقتربت جدا، إلا أنه بالرغم من ذلك فإن الصراع وحمامات الدم سوف تبقى طويلا.

حلم الأكراد

صراع المصالح يبدو واضحًا في الحرب على التنظيم المتطرف، بحسب الصحيفة الأمريكية، فالأكراد يركزون في معركتهم مع داعش على الطريق الدولي الذي يربط بين شمال العراق وساحل البحر المتوسط في سوريا، والمناطق الأخرى التي تحظى بأغلبية كردية،إلا أن الرقة، والتي أعلنها التنظيم عاصمة لخلافته المزعومة، لا تمثل أولوية للأكراد، في ظل سعيهم لتعزيز قبضتهم على المناطق التي يسيطرون عليها من أجل تحقيق حلم الدولة.

وأضافت “واشنطن بوست” أن مواجهة الميليشيات المتطرفة في المدينة العربية السورية تركت لمجموعة من المتمردين التي تستخدم مجموعة من أسلحة الكلاشينكوف القديمة، وذلك بمباركة أمريكية، خاصة وأن الولايات المتحدة تدعم فكرة إنشاء منطقة حكم ذاتي للأكراد وهو الأمر الذي يعني تقسيم سوريا، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية لا تدعم أي استراتيجية قائمة على دور كردي لتحرير الرقة من قبضة داعش.

الغزو الشيعي

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن دور الميليشيات الشيعية يقتصر هو الأخر على تحقيق مصلحتهم والمتمثلة في السيطرة والهيمنة على المدن العراقية التي تحظى بأغلبية سنية، وهو الأمر الذي دفعهم باتجاه ترك ديارهم في جنوب العراق والتوجه نحو الشمال لتحرير الموصل.

الهدف الذي تحمله تلك الميليشيات لا يقتصر على هزيمة التنظيم المتطرف فحسب، ولكن الحفاظ على السيطرة الشيعية على الدولة العراقية في المستقبل، بالسيطرة على المناطق السنية، بحسب الصحيفة، وهو الأمر الذي يفسر قيام الميليشيات الشيعية بارتداء شارات تحمل صورا لأية الله الخميني أثناء القتال في ميدان المعركة ضد داعش.

معاناة سنة العراق

أما المحرك الرئيسي للسنة في العراق هو التخلص من المعاناة الكبيرة التي يشعرون بها من جراء التهميش الحكومي لهم، بحسب الصحيفة الأمريكية، موضحة أن القبائل السنية قامت بدور كبير في الانتصار الأخير الذي حققته القوات العراقية على الميليشيات المتطرفة في الرمادي، وهو الانتصار الأول الذي يحققه الجيش العراقي دون مساعدة من جانب الميليشيات الموالية لإيران.

وأضافت “واشنطن بوست” أن السيطرة الشيعية على المؤسسات العراقية تعد السبب الرئيسي في انحسار دور القبائل السنية في المعركة ضد داعش خلال الأشهر الماضية، موضحة أن الحكومة العراقية تعارض بصورة كبيرة تزويدهم بالسلاح ربما خوفا من تداعيات ذلك فيما بعد.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.