محمد العُمر: حركيون يقعون في محظور الاعتداء في الدعاء

محمد العُمر: حركيون يقعون في محظور الاعتداء في الدعاء

شارك

بعد وفاة الوزير السابق غازي القصيبي -رحمه الله-، خرج أحد من يُدعوُن بالمحتسبين، في مقطع فيديو، متفاخراً ومتبجحاً ومتألياً على الله، بأن الله تعالى استجاب دعاءه وهو تحت أستار الكعبة، عندما ألحَّ عليه بأن يصيب القصيبي بمرض السرطان.

المحتسب في حديثه الذي ألقاه على مجموعة من زملائه المحتسبين في إحدى قاعات وزارة العمل إبان وزارة المهندس عادل فقيه، الذي استقبلهم بعد محاولات احتسابية على أبواب الوزارة، قال المحتسب: إن مرض القصيبي جاء استجابة لدعائه، وهو نتاج قراراته وأفكاره التي تحارب الدين، وعلى رأسها توجهه لدعم عمل المرأة، في إشارة إلى أن الدعاء هو سلاح كل من يخالفهم، “أي التيار المتشدد”.

بعد محاولات طويلة قادها بعض المتشددين وزملاؤهم من التيارات الحزبية الإسلاموية والحركية في الساحة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، عبر بث التحريف والتأويل على كثير من الأحداث التي يكون الصراع فيها بين قطبين اجتماعيين، طرفه الآخر النخب من المثقفين والكتاب، وأيضاً الصحافة والإعلام، في قضايا تُعد من أهم الإشكاليات التي يطرحها ويناقشها الكثيرون، والمتعلقة بممارسات بعض المنتسبين لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من خلال آراء خطباء الجوامع أو الدعاة ونجوم الفضائيات الإسلامويين، والتي يعتبرها البعض من تشويه الدين أو من أساسيات الطائفية أو التحريض.

الحقيقة أن كلا الطرفين يرى أن الحق معه، بغض النظر عن أين هي بينهما، لكنَّ الإشكالية تكمن في الذهاب إلى الإقتتال السجالي، والمصيبة أن الطرف المحسوب على بعض الاسلاميين ينهج الارتقاء على أكتاف الدين بالاستقواء بطرق ممنهجة لضرب الطرف الآخر الذي يخاطبه بالفكر.

التوجه الجديد للإنقضاض والتشويه على الصحافة والإعلام الذي يمثل الطرف الآخر، يتمثل في قيام أحد الدعاة من نجوم الفضائيات، بإنشاء هاشتاق “#إعلاميون_يخدمون_أعداءنا، في صورة واضحة غرضها تصفية حسابه مع أحد الإعلاميين، بطريقة غير مهنية ولا أخلاقية، وقبل ذلك ليست من أخلاق المسلمين، ما دعا جموعاً من الحزبيين والحركيين وأتباعهم إلى التشفي، وإنشاء حسابات تويترية وهمية غرضها دعم “الهاش تاق”، وتخوين المؤسسات الصحفية والإعلامية السعودية، ورسمها في صورة تخدم أعداء الوطن، من خلال تضليل الأتباع والبسطاء بأوهام تدور حول أن من يمثلها ويظهر فيها، يستهزئ بشعائر الدين، وأن منهم من يحارب الإسلام عبر انتقاد شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في صورة لإعطاء صبغة الحصانة من النقد والتقويم ولو مع وجود الخطأ.

التحول الخطير الذي حصل الجمعة الماضية، في اجتماع بعض خطباء وأئمة المساجد الحزبيين، بالتطرق إلى المدح والثناء على جهاز الهيئة، طبعاً هذا ليس الإشكال، بل المزعج والمخيف أن يتم توظيف ذلك بالاعتداء في الدعاء المنهي عنه شرعاً، من خلال الدعاء على الإعلاميين والصحفيين باعتبار أنهم يقفون ضد الشعيرة لا الأخطاء، والمزعج محورة الاختلاف في الرأي ليُختزل وكأنه عداء بين الإعلام والإسلام، وأن ‏نبذ التشدد والكراهية أصبح “حرباً على الدين”.

في الحديث الصحيح يقول النبي – صلى الله عليه وسلم: “ما من عبدٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك”، ويقول مفتي السعودية السابق الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- تعليقاً على الاعتداء في الدعاء، “فكونه يعتدي يقول: “اللهم قاتل فلان (بغير حق)، أو اللهم أهلك فلان (بغير حق)، أو اللهم أتلف ماله أو أعمِ بصره، أو كذا أو كذا مما يضره (بغير حق)، فهذا اعتداء”. انتهي

البعض يقول لماذا التشنج من الدعاء على الإعلاميين، وأن الغضب من مبادرة الخطباء يدل على أن اتهامهم في محله، وذهب بعضهم إلى أن الدعاء موجه لفئة خارجية تستهدف السعودية.

‏الخشية ليس من ذلك الدعاء، لأن المدعي عليهم في الأصل، رافضون لتلك التجاوزات الدينية والنظامية، ولم يحاربوا الدين ولا شعائره، لكن يُرثى لحال مطلقي الدعاء الذي وصل ببعضهم أن يستخف بالله وبالدين وبالناس، وأن الخشية تكمن في أن هذا النوع من الحرب المنبرية قد صفعت الوطن من قبل، بعد قيام بعض الخطباء الطائفيين إلى تهييج البعض من الشباب تجاه قضايا الأمة الإسلامية، ما حرّك مشاعرهم، وفهموا ذلك “دعوة منهم للنجدة”، وتطور الأمر إلى أن استمعوا لنداء التنظيمات الإرهابية، فمنهم من شد رحاله لمناطق النزاع وانضّم لداعش وجبهة النصرة، والبعض الآخر انصاع لتوجيهات تنظيم داعش واستهدف رجال الأمن.

‏الخلاصة: لا نريد تكرار الأخطاء الفادحة والمُجرَّمَة من خلال الاستهتار بأمانة الكلمة المنبرية، وتحويلها لصراع الشخصنة وتحريف الحق وتشويه الرسالة السماوية، ولا نريد لفت انتباه من تدعشن ليُلحق الإعلاميين والصحفيين والكُتّاب بدائرة التكفير ثم الاستهداف.

نقلًا عن “الوئام” الإليكترونية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.