عبدالله الجنيد: من لا يملك لمن لا يستحق

عبدالله الجنيد: من لا يملك لمن لا يستحق

شارك

“قد يتحتم علينا دفع ضريبة الدم ان لم تصل رسائل الرعد”.. هناك مثل باللهجة الخليجية الدارجة يقول (طلقها وخذ اختها، قال الله يلعنها ويلعن اختها)، لذلك كانت عاصفة الحزم أمس، واليوم رعد الشمال.

فتجاربنا مع الإدارات الامريكية المتعاقبة وتحديدا منذ 2003 تستوجبنا التوجس قبل الحذر، فافتتان الأمريكان بمفردة “ستان”  أي موطن عرقي لأحد الأعراق البشرية، ضيع العراق والسودان. وهي لا تزال ماضية في تطوير ذلك المفهوم جيوسياسيا على أساس العرق أو الطائفة من العراق شمالا إلى اليمن على بحر العرب جنوبا، منتجةً أو محفزةً “سنة ستان” هنا أو “شيعة ستان” هناك.

فأن قبلنا بذلك هناك، فيتوجب علينا  التحضر لقبوله هنا، لأن مخرجات ذلك الواقع كجغرافيا سياسية سيضع القوى الإقليمية السنية من المنظور (الأمريكي الإسرائيلي) في مواجهة بعضها سياسيا قبل جغرافياً، وقد خبرنا نتائج ذلك ابان الربيع العربي.

وبمراجعة استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية الشرق أوسطية، فأنها تقوم على دعامتين، أمن اسرائيل وحماية مصالح أمن الولايات المتحدة القومي. ولقياس ذلك سنستعرض موقفين، الأول يتمثل في رؤيتها لمستقبل سوريا من خلال الورقة المقدمة من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي موشية يعلون في مؤتمر الأمن في ميونخ، حيث قال “نحن نستطيع أن نصنع عجةً من البيض، لكننا لا نستطيع أن نصنع بيضاً من العجة”، وتتطابق تلك الرؤية والرؤية الامريكية والتي عبر عنها سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون برأي نشر له في 18 ديسمبر 2015 في النيويورك تايمز، حيث تناول النسخة المعدلة لمشروع الشرق الأوسط الجديد، باقتراح إقامة “استانات” متعددة تكون تحت وصايات مباشرة لقوى إقليمية قادرة على أساساً طائفي وعرقي.

ويرى السفير بولتون بأن يقتطع ثلث العراق بالاضافة لثلث سوريا، أي الانبار وبادية الشام وإعلانها (سنة- ستان) تكون تحت الوصاية و الرعاية السعودية بشرط قبولها، أي السعودية الاعتراف بدولة “كردستان”  وطن قومي للأكراد.

هنا يجب أن نقرأ نحن بين سطور السفير بولتون التالي، سوف يتوجب أن يكون لكردستان نصيب من أرض سوريا “شريطة إقناع تركيا” أو تعويضها هي الأخرى بحصة من أرض سوريا المشاع.  وبدورنا نسأل: هل الاستانات المقترحة ستؤسس لاستقرار حقيقي في المنطقة. لأن هذة الرؤية أن كانت تنبئ بشىء فهو طمئنة طرفين هما إسرائيل وإيران أولا وأخيرا، فتغيب الجغرافيا السورية سوف ينتج “دروز-ستان” في الجولان وما جاورها من لبنان، وبالتأكيد ستكون هناك إمارة مسيحية بين الجبل والبحر “مسيح-ستان”.

وفي حال القبول بالدولة العلوية الساحلية ضمن الحلول “الأقل ضررا”، فنحن أمام واقع سيفرض إلغاء لبنان. رعد الشمال يتعدى من حيث الأهداف المعلنة، ففرض الاستقرار في حوض الهلال الخصيب او التحفيز عليه يعد أهمها، أو توفير الأدوات المطلوبة لتنفيذ الارادة الدولية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2054 ( لذلك جاءت الدعوة الروسية لخادم الحرمين الشريفيين لزيارة موسكو، واتفاق وقف الأعمال العدائية لاحقا في سوريا).

ما تقدم ليس افتراضاً، مما يحتم على المجتمع الدولي اما اتخاذ الموقف المطلوب والمسؤول حيال مبادرة السلام السعودية، كونها المخرج الوحيد من عتمة الشرق الأوسط القائمة في حال توفر شركاء حقيقيين لتحقيق ذلك، أو أن نفرض نحن رؤيتنا لشرق أوسط جديد نستطيع من خلاله تحقيق الحد الأقصى الممكن من الاستقرار الطويل المدى لصالح كل دوله.

وقبل ذلك علينا التخلي عن ما تبقى من رومانسيتنا في الاستقراء الاستراتيجي بإدراك أن لا صقور  أو حمائم في مؤسسات صنع القرار الأمريكي عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط العربي تحديدًا.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.