شارك

الحكومة التركية تتجه بسرعة نحو الانزلاق بصورة كبيرة في الصراع السوري، وبالتالي ربما إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، الأمر الذي قد ينبئ بمزيد من التوترات الإقليمية خلال المرحلة المقبلة، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، وذلك بسبب التصعيد التركي ضد الأكراد

وقالت الأمريكية الصحيفة البارزة، في مقالها الافتتاحي، إن الحكومة التركية لا تميز إطلاقا بين الفصائل الكردية حيث إنها تضعهم جميعا في سلة واحدة، موضحة أنها تتعامل معهم جميعا باعتبارهم تنظيمات إرهابية، في ظل مخاوف الأتراك من الطموحات الكردية القديمة في تحقيق الاستقلال، خاصة وأن التطورات السورية والنجاحات العسكرية الكردية ربما تدفعهم بصورة كبيرة نحو تحقيق هذا الحلم في المرحلة المقبلة، وهو ما يزعج أردوغان بصورة كبيرة.

دعم أمريكي

وأضافت الصحيفة أن الموقف التركي من الأكراد يختلف مع الموقف الأمريكي، حيث إن واشنطن ربما تتفق مع أنقرة في النظر إلى حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، إلا أن الولايات المتحدة لا تحمل نفس الموقف تجاه الأكراد السوريين، بل وتعتمد عليهم بصورة كبيرة في الحرب الحالية ضد معاقل تنظيم “داعش”، وبالتالي فإن إدارة الرئيس باراك أوباما دائما ما تكون حريصة على تقديم الدعم الاستخباراتي لهم.

الدعم الأمريكي لأكراد سوريا لا يروق بأي حال من الأحوال للحكومة التركية، بحسب ما ذكرت “نيويورك تايمز”، وهو ما ظهر بوضوح في تصريحات عدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي أكد خلالها أنه على الإدارة الأمريكية أن تختار بين تركيا أو الأكراد السوريين، وهو مالم تقبله الولايات المتحدة.

حجج جديدة

إدارة أوباما طالبت الحكومة التركية بوقف عملياتها ضد الأكراد في سوريا، والذين يسيطرون على مساحة تصل إلى حوالي ألف كيلومتر على الحدود بين سوريا وتركيا، كما أنهم يقتربون بشدة أيضا من السيطرة على جزء أخر سوف يسمح لهم بالسيطرة على مساحة جغرافية معتبرة.

على الجانب الآخر، هكذا تقول الصحيفة الأمريكية، طالبت الولايات المتحدة الأكراد بالتمدد بصورة أكبر للسيطرة على مساحات إضافية من الأراضي السورية خلال المرحلة المقبلة، حتى لا يجد الرئيس التركي حجج جديدة تمكنه من زيادة الهجوم العسكري التركي عليهم.

فرصة بوتين

وأوضحت “نيويورك تايمز” أن الموقف الأمريكي يعكس تخوفها من تفاقم الأوضاع بصورة كبيرة في المستقبل، خاصة وأن الهجوم العسكري التركي المتزايد على معاقل الأكراد قد يدفع إلى مواجهة عسكرية بين الأتراك والروس، الذين قد يتحركون للرد على الهجمات التركية لمغازلة الأكراد، وذلك للحصول على ولائهم في سوريا خلال المرحلة المقبلة.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم ينسى بأي حال من الأحوال قيام الحكومة التركية بإسقاط الطائرة الروسية على الحدود بين سوريا وتركيا في نوفمبر الماضي، وبالتالي ربما يقدم له الهجوم التركي المتواصل على أكراد سوريا الفرصة للانتقام من أردوغان، وبالتالي فإن الولايات المتحدة لا تريد أن تقدم الحكومة التركية له مثل هذه الفرصة.

المسار التفاوضي

وحملت الصحيفة الأمريكية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مسئولية تعثر المفاوضات بين حكومته والأكراد في بلاده، موضحة أنه أبدى تعنتا شديدا في هذا الإطار، قبل أن يعود لشن عمليات عسكرية تستهدفهم، وبالتالي فينبغي عليه أن يتحرك لإحياء المسار التفاوضي في أسرع وقت خلال المرحلة المقبلة.

واختتمت الصحيفة مقالها بالقول بأن الرئيس التركي يجب أن يقوم بدورا فعالا خلال المرحلة القادمة لدعم الأكراد في سوريا وكذلك المنطقة التي يسيطرون عليها والتي قد تتمتع بالاستقلالية هناك في المستقبل القريب، خاصة وأنه نجح في التقارب مع الأكراد في العراق، وبالتالي فمن غير المنطقي أن يستمر في قصف الأكراد السوريين، وتوتير علاقاته بالولايات المتحدة من جراء ذلك.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.