شارك

 رغم تعهد الرئيس باراك أوباما، خلال القمة الخليجية- الأمريكية، باستمرار دعم واشنطن لدول الخليج لمكافحة الإرهاب، وتلجيم التدخلات الإيرانية في المنطقة، إلا أن محللين شككوا في نية الولايات المتحدة الالتزام بهذه التعهدات، مرتئين أن أمريكا ربما تضحي بتحالفها الاستراتيجي مع دول الخليج، وخاصة السعودية، إذا ما وجدت في طهران ما يحقق أهدافها، ومصالحها.

وبينما رأى محللون أن القمة التي اختتمت أعمالها الخميس الماضي، «ناجحة، وقطعت الطريق على المشككين في تدهور العلاقة بين واشنطن ودول الخليج».. قلل مراقبون آخرون من أهمية هذه القمة، وأنها لن تستطيع أن تمحو الانتقادات والإساءات التي وجهها أوباما لقادة دول الخليج، في حواره المنشور بصحيفة «أتلانتيك» مارس الماضي، والذي أبدى فيه تضجره من اعتمادهم الزائد على واشنطن، وأنهم يهوون «الركوب المجاني»، وفق تعبيره، ما أثر على طبيعة العلاقات الأمريكية الخليجية، خاصة بالنسبة للسعودية.

أمريكا والخليج.. مد وجزر

الدكتور مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالقاهرة، وصف لـ«السعودي» العلاقة بين واشنطن ودول الخليج بأنها أشبه بموجات «المد والجزر»، وأنها لن تستقر على حال واحد، حتى مستقبلًا، وعزا ذلك إلى أن الولايات المتحدة كقوة عظمى تتحالف مع مَنْ يخدم أهدافها، ويحقق مصالحها، فهي (أمريكا) تتودد إلى قادة دول الخليج، خاصة السعودية، عندما تكون في حاجة لمساعدتهم، وتستغني عن خدماتهم، وتنتقدهم، وقد تفضحهم، إذا ما وجدت حليفًا بديلًا لهم.

ورغم وجود تنسيق وتعاون في المجالات العسكرية، والأمنية، والتجارية بين الولايات المتحدة ودول الخليج طوال السنوات الماضية، إلا أن «مصطفى السيد» رأى أن العام الماضي شهد انحيازًا أمريكيًا واضحًا لصالح إيران، ودلل على ذلك بـ«الاتفاق النووي» الذي توصلت إليه واشنطن وقوى دولية كبرى مع طهران، بما سيعود على الدولة الفارسية بالنفع العظيم، متجاهلين تمامًا رد الفعل، أو الغضب الخليجي جراء هذا الاتفاق.

«على دول الخليج، والدول العربية بشكل عام بأن تثق في قدراتها، وإمكانياتها، وتنوع تحالفاتها»، حسبما يطالب «السيد»، ناصحًا إياها بعدم الاعتماد على حليف واحد، مشددًا في الوقت نفسه على عدم الاستغناء عن أمريكا، ولكن تقليل الاعتماد عليها كقطب أوحد للقوة في العالم.

إيران والمصالح الأمريكية

«على قادة دول مجلس التعاون الخليجي ألا يفرحوا كثيرًا بما قاله أوباما عن مواجهة الإرهاب، والتصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة»، يؤكد الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلًا لـ«السعودي» إن أوباما لم يكن حاسمًا عند الحديث عن التنظيمات الإرهابية، والممارسات الإيرانية في المنطقة، مذكرا بأن أمريكا تناست وصف النظام الإيراني لها بأنها «الشيطان الأكبر».

وقال «غباشي» إن أمريكا كانت تعتبر دول الخليج حليفًا استراتيجيًا، لأنها كانت بحاجة إلى النفط الخليجي، وكانت تجد في دول المنطقة سوقًا رائجًا لتصريف منتجاتها، أما الآن فواشنطن ليست بحاجة للنفط العربي، وتريد فتح أسواق جديدة لتصريف إنتاجها، وربما تجد ضالتها في السوق الإيراني المتعطش لمنتجاتها بعد سنوات طويلة من الحظر الذي كان مفروضًا على طهران.

ودلل على مؤشرات التقارب الأمريكي الإيراني، بأن اتفاق يوليو 2015، اقتصر فقط على البرنامج النووي، ولم يتطرق مثلًا لموقف الإدارة الأمريكية من الصواريخ البالستية، ودعم طهران للمنظمات الإرهابية في المنطقة، كما تفعل مع حزب الله اللبناني، وميليشا الحوثي في اليمن، ونظام الأسد في سوريا، والمعارضة الشيعية في دول الخليج.

وشدد «غباشي» على أن واشنطن ليس من مصلحتها إحلال السلام في المنطقة، كما قال أوباما في القمة الخليجية- الأمريكية، موضحا أن الشرق الأوسط والخليج أكبر سوق مستهلك لمنتجات القوى الكبرى، وأن إحلال السلام يعني إغلاق شركات السلاح الكبرى، وتشريد العاملين بها، وهو ما يضعه أي رئيس في حسبانه.

التغاضي عن الاستفزاز الإيراني

وحذر الدكتور مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية، من زيادة التقارب الأمريكي الإيراني على حساب الخليج، لافتًا إلى أن واشنطن ستتغاضى عن الاستفزازات الإيرانية في المنطقة مستقبلًا، خاصة وأن أوباما أكد خلال القمة الخليجية الأمريكية الأخيرة، أن بلاده «ستحترم تعهداتها المتعلقة بالاتفاق النووي».

ورأى «حماد» أن حضور أوباما القمة الخليجية الأمريكية في الرياض كان حضورًا «بروتوكوليًا»، وأنه لم يأتِ لإرضاء دول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز التحالف الاستراتيجي معهم، بل كان لـ«الترويج للمرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون».

واختتم «حماد» بتأكيده على أن الفترة المقبلة ستشهد تغيرًا جوهريًا في علاقة واشنطن بالخليج، مرتئيًا أن زمن «التحالفات الاستراتيجية» انتهى، مطالبًا الدول العربية بإدراك هذا التغيير، والتكيف مع المعطيات الجديدة، وتنويع تحالفاتهم الإقليمية والدولية؛ لردع عدوهم، مشددًا على أن «السعودية مؤهلة الآن لقيادة المنطقة كقوة إقليمية، بما تملكه مكانة ونفوذ؛ لحسم الصراع مع إيران دون الاستعانة بواشنطن».

 

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.