شارك

 

يطرح رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يحظى بشعبية واسعة لدى فقراء الشيعة نفسه بطلا للاصلاح في العراق الغارق في اعمال العنف والفوضى منذ الاجتياح الاميركي عام 2003.

وقال احمد علي الباحث في معهد الدراسات الاقليمية والدولية في الجامعة الاميركية في العراق ان “الصدر يحظى بشعبية واسعة لدى الطبقات الشيعية الشعبية ويستخدم هذه الميزة لترسيخ نجاح حركته”.

والصدر المستدير الوجه الذي غزا الشيب لحيته، زعيم احدى الحركات الشيعية الاكثر اهمية في العراق والممثلة منذ سنوات في البرلمان على الرغم من انتقاد مؤيديه للمؤسسة السياسية التي يشاركون فيها.

وقد ولد الصدر الذي يقول مقربون انه سريع الغضب وقليل الابتسام، في مطلع السبعينات في الكوفة جنوب بغداد. وهو نجل محمد محمد صادق الصدر ابرز المتشددين الشيعة المعارضين للرئيس الاسبق صدام حسين الذي قتله مع اثنين من ابنائه العام 1999.

ووالد مقتدى هو احد ابناء عم محمد باقر الصدر المفكر البارز الذي اعدمه صدام مع شقيقته نور الهدى عام 1980.

ومنح هذا النسب المرموق اندفاعة لمقتدى اعتبارا من عام 2003، حين برز اسمه بعدما اسس وحدات مسلحة تضم عشرات الالاف من الشبان الشيعة تحت اسم “جيش المهدي”.

وسرعان ما خاضت هذه الميليشيا معارك ضد القوات الاميركية في النجف في اغسطس 2004 ادت الى مقتل ما لا يقل عن الف من انصار الصدر الذي اعتبرته وزارة الدفاع الاميركية في العام 2006 من اكبر التهديدات التي تعيق استقرار العراق.

ملاحقة الفاسدين

يواصل الاف المتظاهرين الذين اقتحموا السبت المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة ومجلس النواب وسط بغداد، تجمعهم فيها الاحد بينما طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بملاحقة الذين خرقوا القانون منهم.

وتمكن المتظاهرين امس السبت بعد ازالة بعض الحواجز الاسمنتية من اقتحام المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة ومجلس النواب وسفارات اجنبية بينها الاميركية والبريطانية، وسيطروا لعدة ساعات على مبنى مجلس النواب.

ورغم انسحابهم من المبنى واحتمال حدوث تصعيد اكبر، ينتشر الاف منهم اليوم في ساحة الاحتفالات الرسمية وسط المنطقة الخضراء، يلتقطون صورا في المكان الذي لم يستطيعوا الوصول اليه قبل ذلك.

وقال يوسف الاسدي (32 عاما) الذي كان يلتقط لنفسه “سلفي” امام نصب الجندي المجهول “هذه اول مرة اصل الى هذا المكان منذ ايام الدراسة ايام (نظام) صدام” حسين.

واضاف “انها احدى اجمل مناطق بغداد ويجب ان يكون للجميع، حتى الان لايسمح للناس بدخوله”.

ويرى الاسدي انه موقع مدهش “كل شىء متوفر هنا، مكيفات الهواء و تيار كهربائي في كل مكان”. وتابع “لكن العامة في العراق يعانوا انقطاع مستمر للكهرباء”.

في الوقت نفسه، اعلن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي انه اصدر الاحد امرا بملاحقة الذين خرقوا القانون من بين المتظاهرين، لان القوات الامنية لم تحاسبهم.

وذكر في البيان ان “رئيس الوزراء وجه وزير الداخلية (محمد الغبان) بملاحقة العناصر التي اعتدت على القوات الامنية واعضاء مجلس النواب وقامت بتخريب الممتلكات العامة واحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل”.

وقام بعض المتظاهرين امس السبت بالاعتداء على ما لايقل عن نائب واعتراض سيارات اعتقدوا بانها تعود لنواب في المجلس اضافة الى ايقاع اضرار في بعض المكاتب الرسمية.

وحاول اخرون بينهم احتواء غضب رفاقهم وتنظيم التظاهرة لتكون سلمية بعيدة عن اعمال الشغب، واكتفى البعض بالتقاط صور بهواتف نقالة داخل مبنى البرلمان.

وشكل انصار التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري فيما انتشر عدد كبير منهم مساء السبت حول مبنى مجلس النواب.

معاد للاحتلال الاميركي

توارى الصدر عن الانظار اواخر العام 2006 ولم يعرف مكان اقامته حتى عودته الى حي الحنانة في النجف حيث مقر اقامته في بداية العام 2011، ليتبين لاحقا انه امضى اكثر من اربعة اعوام في مدينة قم الايرانية لمتابعة دروس في الحوزة الدينية.

لكن جيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري، خاض معارك قاسية مع القوات الاميركية والحكومية العراقية ربيع العام 2008 في البصرة ومدينة الصدر، قبل ان يامر مقتدى الصدر في اغسطس 2008 بحل هذه الميليشيا من دون ان يتخلى عن تاكيد معاداته “للاحتلال الاميركي”.

ويتمتع الصدر بشعبية واسعة في اوساط فقراء الشيعة وخصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في بغداد، وخاض اللعبة السياسية في العراق الجديد من خلال المشاركة في حكومة نوري المالكي قبل اتخاذ قراره باستقالة وزرائه الستة عام 2007.

لكن الصدر عاد وانخرط بقوة في السياسة عام 2010، حين لعب دورا حاسما للخروج من الازمة المرتبطة بعدم قدرة الاطراف على تشكيل حكومة ائتلافية في البلاد.

ورغم حقده على المالكي بسبب الحملة العسكرية عام 2008 ضد جيش المهدي، الا نه اختار تقديم الدعم له مانحا اياه ميزة حاسمة على منافسيه (خلال فترة محدودة).

ومع ذلك، فان الزعيم الشيعي ينتقد بانتظام المالكي متهما اياه ب”الكذب” والتصرف مثل “ديكتاتور”. وفي عام 2012، حاول عبثا سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء مع مسؤولين عراقيين آخرين.

القضاء على الفساد

وتناوب الصدر بين فترات من الانسحاب ظاهريا من الحياة العامة، وتكريس نفسه لمزيد من الدراسة في حوزة النجف، ودعوة انصاره علنا الى الاعتصام خارج المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد.

وكان قد صرح في مارس الماضي، في النجف “لقد حان الوقت بالنسبة لكم للقضاء على الفساد والمفسدين”.

وطوال اسبوعين، اعتصم الآلاف من انصار الصدر في المنطقة حيث تتمكرز مؤسسات السلطة للمطالبة بحكومة جديدة قادرة على تنفيذ الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي وعد بها حيدر العبادي الذي خلف المالكي في منصب رئيس الوزراء.

وقد دخل الصدر شخصيا الى المنطقة الخضراء في 27 مارس بهدف مضاعفة الضغوط على البرلمان والحكومة.

وللصدر الذي يرفع سبابة يده اليمنى خلال خطاباته، مكاتب سياسية في معظم انحاء البلاد، ويمثل تياره 32 نائبا في البرلمان وثلاثة وزراء في الحكومة.

 

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.