سعيد الأحمد: رجّعو النص

سعيد الأحمد: رجّعو النص

شارك

يتقول- لا يقول- جميع المتحذلقون، بإختلاف مآكلهم، لا مشاربهم، فلم يعد لأحلام  البسطاء مثلنا (شف) في المشارب: (أن المرأة نصف المجتمع)، ويسجل مثلي إعتراض مبدأي قبل فكرة التصنيف، كوني أمقت أنصاف المسافات والحلول، وأنصاف الريالات والرجال أيضًا !

 

يسخر صديق لي لا أعرفه، وكم من الأصدقاء على وجه البسيطة (التي أضحت صعبة جدًا لا تشبه صعوبة “السهلاوي” رغم سهولته الفذة)؛ صديق يشبهنا دون أن نعرفه.. يقول صديقي، الذي يشبهني دون أن ألتقيه أو تعرفونه، في معرض تصنيف العملة النقدية: العملة النقدية لدينا تنقسم إلى: خمسمية، مية, خمسين، عشرتريل، خمستريل، ريال، وعلك نعناع.

 

لم أتقاطع مع صديقي صاحب نظرية (العملة العلك) أعلاه، وهذا ما يجعلني غير قادر على الإتفاق معه في النظرية، وفاشل في مخالفته كواقع، فأنا شخصيًا لم يسبق لي أن رأيت النصف، ولم يعيد لي البقال “الفراطة”, وعندما أسال جميع الأصدقاء يعترفون أنهم يحصلون دائمًا على “علك النعناع” كنصف!

 

في مستهل الثمانينيات، وقبلها، كان الصبية، أو حتى الفتيات اللواتي لم يتم حجبهن عن أعين أزقة الحي ووشايات دكاكينه الصغيرة، يطلقون على “علك النعناع” مسمى “العلك الحار”, ولا أنسى أن البعض تندر قائلًا حينها: إذا رحت تشتري علك حار خذ معك “بيز”.. والبيز هو الواقي الذي تمسك به مقابض الدلال الساخنة كي لا يحترق كفك و تصبح مثارًا للتهكم.

 

لست مهتمًا على أي حال بالنصف، ولا الفراطة، ولا “العلك” حاره أو بارده، كوني أمقت أنصاف الحلول والرجال والقناعات؛ كما أسلفت أعلاه، وقد قلت يومًا، ولم أغير نظرتي للآن:

أنني لا أحب نصف الإنسان- ذلك الذي تتشكل إنسانيته حسب الإشتراطات المناطقية، والتعليمات المغروسة بذهنه فحسب- ناهيكم عن عدم إلتفاتي لأنصاف البشر أو أصحاب أنصاف المواقف ونصف القناعة ونصف الرغيف، أو أي نصف مادي أو مجازي… رغم ذلك طالما أدهشتني، وجيلي، فكرة نصف المجتمع، وتصالحت معها رغبة في أن أراها تشكل النصف المحتوم عليها لا أكثر، كما أكدوا لنا دومًا أنها (نصف المجتمع) الحتمي.

 

ذلك النصف المنفي، المغيب عن المشاركة، الغائب عن البناء؛ النصف الخفي الأشبه بــ “نصف الريال لا معدني ملموس”، الذي ربما غيبه البعض لأنه “علك حار” يشبه “فراطة” المجتمع التي تستبدل بــ (علك أبو نص)!

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.