فادي عيد: ما بين قطر وإيران!

فادي عيد: ما بين قطر وإيران!

شارك

بعيدا عن شاشات قناة الجزيرة القطرية التى مازالت تسرد أنجازات السلطان العثماني اردوغان الاول قبل الانتخابات التركية القادمة، وبعيدا عن إعلامييها الذين أعتادوا بث السموم تجاه الانظمة العربية، وبعيدا عن كاميراتها التى تنقل لنا حصريا حياة ومعيشة امراء و قادة داعش اثناء حربهم وأثناء طعامهم وشرابهم حصريا على غرار مباريات الدورى الاسباني، كانت كل تلك الكاميرات المنتشرة فى كافة أرجاء الارض بعيدة تماما عن طهران أثناء توقيع اتفاق عسكري بين كلا من جمهورية ايران الاسلامية و مملكة قطر، و هنا نقف بعض الوقت لكي ندرك الحجم الحقيقي لذلك المشهد، وما يدور بكواليسه، وما أهدافه العسكرية والسياسية، ورسالة طهران من خلاله لدول الخليج.

بداية يأتي هذا التعاون العسكري بين قطر وايران فى الوقت الذى تقوم فيه الجمهورية الاسلامية بتنفيذ أحد أضخم المناورات فى تاريخها الا و هي مناورات محرم العسكرية، والتى تنفذ على مساحات شاسعة فى كلا من كردستان ايران و كرمانشاه وأذرابيجان الغربية بمشاركة كافة القطاعات بالجيش وفى مقدمتهم وحدات الرصد ومنظومة الدفاع الجوي وقوات المغاوير ووحدات الرد والمواجهة السريعة التابعة للقوات البرية والقوات الجوية والطائرات بدون طيار، وقوات التعبئة وحرس الحدود بجانب قوات خاصة من الحرس الثوري .
وكما صرحت أدارة العلاقات العامة للجيش الايراني ان مناورات محرم تهدف الى تحقيق الاستعداد الكامل لكافة القوات الايرانية و القدرة على التحرك السريع تجاه الهدف و تنفيذ العمليات العسكرية بالمناطق الوعرة و رفع حالة التأهب لقوات الدفاع الجوي، و تدريب القوات البرية على صد أي هجوم افتراضي، و لكن يبقى الهدف الرئيس لتلك المناورة من الناحية العسكرية هو أختبار منظومة ” فكور ” للقيادة و التحكم التكتيكي الذكي و التى تشمل التتبع من الرادارات العسكرية و المدنية و منظومات التجسس و المنظومات الرقمية و التى تتمتع بقدرات برمجية مرنة، كذلك أختبار منظومة ” فتح14 ” و هى منظومة محلية الصنع تغطي حتى 600 كيلو متر قادرة على مواجهة الحرب الالكترونية و معرفة الاهداف و التوصل بشكل سريع و دقيق لمعلومات حول الهدف و التى يتم أرسالها الى مركز القيادة الذى يتبع بعد ذلك عملية المواجهة و الردع .

و بالتزامن مع أجراء تلك المناورات العسكرية الايرانية جاء لقاء قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي بمدير أمن السواحل و الحدود بمملكة قطر علي أحمد سيف البديد لكي يوقع الطرفين على اتفاقية تعاون لحماية الحدود المشتركة بينهما و لمنع أي عبور غير شرعي للمهربين أو للصيادين .
و بتغطية وسائل الاعلام الايرانية المحسوبة على الحرس الثوري جائ رد طهران المباشر عندما أشارت وكالات الانباء الايرانية الى أن هذا الاتفاق جاء لحماية حدود قطر من الدواعش، و هى الرسالة التى أرادت طهران أن ترسلها علنا الى الدول العربية عامة و دول الخليج خاصة و التى تكيل دائما الاتهام لها بتمويل داعش و الحركات الجهادية بأن قطر باتت حليف رئيسي اخر لها فى الخليج العربي، و للعلم هناك أكثر من 12 اجتماع عقد بين المسؤولين العسكريين القطريين و الايرانيين و جاري تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين .
و من يفهم و يقرأ ما بين السطور سيعلم جيدا ان الخطوة العلانية الاولى للدوحة تجاه طهران جاءت بكلمة الامير تميم فى الامم المتحدة و التى اعرب فيها عن رغبته لاستضافة حوار بين ايران و دول الخليج، و من يفهم العلاقة الخاصة بين التنظيم الدولي لجماعة الاخوان و نظام الخميني و دور الدوحة كحلقة وصل رئيسية بينهم سيعرف أكثر عن كيف تسير الامور بين طهران و الدوحة فى الكواليس بعيدا عن خشبة المسرح و الاضواء التى تلهي الرأي العام عن حقيقة ما يحدث و يدور، و ما هي أبعاد التدريب العسكري المشترك بين تركيا و قطر الذى ينفذ الان بالدوحة تحت مسمى “نصر 2015″، و على أي أساس كانت قطر تتقدم نحو أيران قبل اقرار رفع العقوبات عليها لمساعدتها عبر طريق شركة قطر للبترول فى زيادة حصتها بأكبر حقل غاز فى العالم .

حقيقة الامر أن الاتفاق بين قطر و ايران و الذى فى هامشه اتفاق تعاون لوقف اى عبور غير شرعي للمهربين أو الصيادين هو أتفاق أعطى شرعية لتحرك قوات الحرس الثوري فى المياة الاقليمية القطرية، و أضاف لايران محطة جديدة بالخليج بعد أن صارت الدوحة ضلع مواز لطهران بالخليج العربي.

2 تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.