كاتب إسرائيلي يُحلل سياسة السعودية بين مطرقة أمريكا وسندان روسيا

كاتب إسرائيلي يُحلل سياسة السعودية بين مطرقة أمريكا وسندان روسيا

عرض/ أيمن فرج

شارك

ما ملامح السياسة الخارجية للسعودية تجاه أمريكا وروسيا؟ وما التوقعات التي يمكن حدوثها في المسار التي تنتهجه المملكة في علاقتها مع البلدين؟ وكيف تتعامل الرياض مع ضغوط المعسكرين الشرقي والغربي؛ بما لا يؤثر على استقلال المملكة؟

أسئلة طرحها الكاتب الدكتور يبجاني كلاوبر، في مقال نشره موقع «ميد نيوز» الإسرائيلي، المهتم بشئون الشرق الأوسط، وبالأخص السعودية، وتحدث «كلاوبر» في مقاله عن السياسات الخارجية للمملكة تجاه أمريكا وروسيا، والتوقعات التي يمكن حدوثها في المسار التي تنتهجه السعودية في علاقتها مع البلدين.

«كلاوبر» رأى أن السياسات الخارجية السعودية تتغير من حين لآخر، وتتذبذب بين المعسكرين الشرقي والغربي، وأن زعماء المملكة يحاولون خلق التوازان بين قدرتهم على رسم مسار استقلالي كدولة ذات سيادة، وبين التأثير الناتج من الضغوط الممارسة عليها من كلا المعسكرين الشرقي والغربي، حيث تشكلت خلال الثلاثين عامًا الأخيرة بعض الضغوطات التي تهدف إلى التأكيد على حفظ مصالحها القومية في الشرق الأوسط.

المعسكر الغربي

بحسب ما كتبه «كلاوبر» بمقاله، فإنه في أثناء الحرب الباردة منحت الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل تقليدي، مساعدات عسكرية واقتصادية للسعودية، من أجل تطوير العلاقات الدبلوماسية مع حلف الناتو، مشيرًا إلى أن السياسات الخارجية الأمريكية كانت تهدف، من علاقتها مع السعودية، تقييد المملكة بمعاهدات عسكرية؛ لتقليل موالاة الرياض للمعكسر الشرقي، مضيفًا أن هذه السياسات تشكلت عقب الموقف السعودي بالوقوف إلى جانب أمريكا في الحرب الباردة.

«كلاوبر» زعم أن السعودية حصلت على مساعدات أمريكية قليلة مقارنة بما حصلت عليه من بعض الدول الأخرى، مثل مصر والأردن وإسرائيل، مرجعًا ذلك إلى كونها من كبار الدول التي لديها مخزون نفطي هائل؛ لذا تركزت المساعدات الأمريكية في تقديم الاستشارة العسكرية فقط، وهذا ما حدث في 1963، حيث كان يتواجد في المملكة 250 عسكريًا أمريكيًا، وبذلك أصبحت السعودية للمرة الأولى تجد نفسها بين المطرقة الأمريكية والسندان السوفييتي، وفقًا لـ«كلاوبر».

obama-356133_1280-3

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، تقوض الحلف الأمريكي السعودي لأسباب معلومة، بحسب «كلاوبر»، مرتئيًا أنه، وفي أثناء العقد الأخير بدأت السعودية تظهر على أنها قوة سنية وراثية بالمنطقة، في مقابل القطب الشيعي «إيران»، موضحًا أن المملكة أخذت على عاتقها دورًا فعالًا في الحرب ضد الإرهاب، فقادت التحالف ضد «الحوثيين الشيعة» في اليمن، وضد «داعش»، كما ظهرت السعودية على أنها «دبوس الأمان» ضد المد الشيعي الإيراني. بحسب تعبيره.

في مقابل ذلك- وفقًا للكاتب- تم النظر إلى الولايات المتحدة على أنها دولة ينقصها استراتيجية واضحة، وانهزامية في الشرق الأوسط؛ لأنها خسرت في أفغانستان والعراق، ولم تستطع السيطرة على المتمردين في اليمن، وأيضا ظهر الرئيس الأمريكي «أوباما» بأنه غير قادر على حل الأزمات الحالية في الشرق الأوسط، حيث إنه تنازل بسرعة كبيرة عن القذافي، ومبارك، ووقع مع إيران على اتفاقيات خطيرة جدًا على إسرائيل.

المعسكر الشرقي

في ضوء تقارب العلاقات السعودية- الأمريكية، طرأ تحسنًا نوعيًا في العلاقات السعودية- الروسية، أرجعه «كلاوبر» إلى ارتباط المصلحة القومية الروسية بأسعار النفط العالمي، وللمملكة دور مركزي في سوق النفط العالمي، ومؤخرا قللت من إنتاجها للنفط؛ للحفاظ على الأسعار وعدم هبوطها، ولكن اليوم وبعد إبرام الصفقة مع الإيرانيين، وهبوط أسعار النفط تحت 50 دولارًا للبرميل، ما أضر بالاقتصاد الروسي، طلبت موسكو من الرياض تقليل الإنتاج، لرفع سعر النفط، مقابل توقف «بوتين» عن دعم تأييد نظام «بشار الأسد»، لكن السعودية لم تتسرع باتخاذ هذه الخطوة.

putin-889784_1920

«كلاوبر»، واصل تحليله قائلًا: «وإذا ما تجاهلنا الانقسام الدائر بين السعودية وروسيا حاليا، فيما يخص الأزمة السورية، يبدو أن أحد المسارات الهامة التي تتخذه السعودية في السنوات الأخيرة، هو مسار التقرب الاقتصادي لروسيا، ففي يناير هذا العام وقعت السعودية على وثيقة تعاون بما يعادل 10 مليارات دولار، كما وقعت السعودية ورسيا- رغما عن أنف أمريكا- على اتفاق تعاون نووي بينهما، وخُصصت الأرض لبناء 16 مفاعلا نوويا في السعودية بواسطة روسيا، كما التزمت موسكو بتقديم المساعدة للرياض، بإعداد علماء سعوديين وبمعالجة النفايات النووية».

مرحلة جديدة

الكاتب يعتقد أنه، وبعد تجميد العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية خلال العقدين الآخرين، فإن عام 2015 يمثل خروجًا إضافيًا عن مسار تجميد العلاقات بينهما، ومن ثم العودة إلى الناحية الأمريكية، موضحًا أن أساس التقارب السعودي الأمريكي بعد أن كانت تدير الرياض ظهرها لواشنطن، يرجع إلى إعادة صياغة أدوار أمريكا في المنطقة، وبالطبع الحفاظ على المصالح القومية السعودية.

وبحسب «كلاوبر»، فإنه إلى جانب هذا التقارب توجد أيضا صياغة غير رسمية فيما يخص بنود الاتفاق التي تنعكس على بلورة السياسات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وهذا ما أدلى به منذ عدة شهور وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، قائلا: «إن الولايات المتحدة ودول النفط يعملون على تشكيل مجموعة من التفاهامات الأمنية، من شأنها أن تؤدي بنا إلى مكان لم نتخيل أن نكون فيه أبدًا».

وبيّن الكاتب أن الدليل الآخر على دفء العلاقات السعودية الأمريكية هو أن الرياض ستستمر في شراء الأسلحة من واشنطن، ومن هنا ستكون الإشكالية الجديدة أمام أمريكا من الآن هي الحفاظ على الميزة العسكرية الإسرائيلية، وهذا واضح من امتناع الحكومة الأمريكية بيع الطائرات القتالية الجديدة من إنتاج شركة «لوكهيد مارتن» طراز «اف 35» للمملكة، في الوقت الذي واقفت فيه على بيعها لإسرائيل.

«كلاوبر»، ألمح إلى أن السعودية على وشك شراء فرقاطتين من أمريكا بنحو مليار دولار، وعشر طائرات هليكوبتر من طراز «بلاك هوك» بحوالي 1.9 مليار دولار، وصواريخ من طراز «باك3» بـ5.4 مليار دولار، بجانب شراء منظومات إضافية مضادة للطائرات، ومضادة للصواريخ الباليستية.

ورأى «كلاوبر» أن هذه الصفقات العسكرية ليست إشارة على دفء العلاقات السعودية- الأمريكية فقط، بل أيضا إشارة إلى مدى القوة السعودية التي لا تتناسب مع الحوار الأمريكي- السعودي الذي يتم تجديده الآن، وبهذا فإن السعودية اليوم أصبح لها قوة كبيرة، وذات قدرات عالية تمكنها من التحرك بحرية بين «المطرقة والسندان».

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.